المقالات

عالم الشهرة بين الخزمري والكناني

ينتقدُ البعض إكثار شعراء العرضة الجنوبية من قصائد المديح مع العلم أننا لو تمعَّنا في قصائدهم لوجدناها تمتدح محاسن الأخلاق من كرم وشجاعة وعطاء وغيرها، وفي الحقيقة لم يقتصر شعر العرضة على المديح والمحاورات السلبية -إن حدثت- بل تميَّز بعض الشعراء بنقدهم لبعض المظاهر السلبية التي تغزو المجتمعات، والتي زادت بكثرة مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على حياة الناس.

هناك العديد من شعراء العرضة الجنوبية الكبار ممن تطرقوا لهذه الأمور أمثال الشاعر صالح اللخمي، والشاعر عبدالله البيضاني، والدكتور عبدالواحد بن سعود وغيرهم من الشعراء.

هنا في هذه العجالة سأتطرق لقصيدة لشاعرين من الشعراء الشباب في منطقة الباحة؛ حيث كان البدع من الشاعر رياض الخزمري، وفيها فرش جميل للردود الذي يعتبر الهدف الرئيس من القصيدة كاملة، فالبدع يتكلم الشاعر عن الأمراض بصفة عامة، ويتمنى ألا يصاب بها إلا أراذل الناس دون أعيانهم؛ حيث إن إصابة الرجال الأكفاء بالأمراض تؤلم الشاعر نفسيًا، ولا تعدو هذه سوى أمنية للشاعر لكن الأمراض والأقدار بيد الله تعالى.

أما الردود فيأتي من الشاعر أحمد الكناني بعد أن وجد هذا البدع الجميل والجاهز لما يدور في ذهنه من سعي بعض الناس للشهرة بأية طريقة كانت، فيذكرهم أن سير الرجال العظام محفوظة في الذاكرة ومسجلة في التواريخ رغم مرور الزمن عليها دون أن يسعوا للشهرة، وإنما هي الشهرة التي سعت إليهم بسبب أعمالهم التي قاموا بها وسجلها لهم التاريخ، ثم يطلب من محبي الحياة كما قال فهم هذا الأمر، وأن الشهرة تسعى لشخص واحد وتترك قبائل وهذه الحقيقة فكم عاش قبلنا من الأجيال والقبائل منذ آلاف بل ملايين السنين، ولم يبقَ الذكر إلا لبعضهم وبسبب أعمالهم القيمة، ويختم قصيدته بأن اللوم يقع على من يسعى لهذه الشهرة دون إنجاز يذكر كما هو حاصل في زمن السناب والتكتوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، والتي نسأل الله أن يجنبنا ويجنب أبنائنا ومجتمعاتنا كل ما فيها من شرور.

هنا القصيدة كاملة:

البدع للشاعر رياض الخزمري:

الحمى والسعلة والكتمة وآلام العظام

جعلها تغدي براعي النميمة والليوم

وألا يطويها زمان العنا بين الحياه

لكن أصحاب الوجيه البوادي والقبايل

آني ازعل من مرضها ومن تسعالها

الردود للشاعر أحمد الكناني:

التواريخ أثبتت سيرة الناس العظام

ما تناساها الزمن يفتكرها كل يوم

يا محبين الحياة افهموا معنى الحياة

الشهرة تسعى لواحد وتتجاهل قبايل

ما شرهت إلا على عالم(ن) تسعى لها

 

ختامًا

هذه ليست إلا إشارة بسيطة ولمحة عما يمتلكه شعراء الشقر الجنوبي من إبداع وما يسعون إليه من تقويم للمجتمعات.

والله ولي التوفيق.

* الدمام

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. إيضاح ممتع وبيان جميل يجسد معنى عميق لقصيدة ذات بعد قيمي تؤكد على الشهامة والنبل الأصيل وليس المفتعل المزيف، فما كان لله يصل لله ويتلمس أثره في النفوس حمدا وثناء، وما كان رياء فمحله حيث فعله لا ينقل ذكره ولا يحمد فعله!!
    ولا شك أن متذوق الشعر لديه ملكة تمكنه من اقتفاء الأثر بحدس ذكي ونسج بليغ وشرح وافٍ ليصل المعنى بلغة بليغة مفهومه كمقالك الجميل، أيها الشهم الوفي!!

  2. مقال جميل فيه نقل لواقع الحال لشعراء العرضه بارك الله فيك
    وبيض الله وجهك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى