جدارية شاعر

نزوح

ارحل حيث لاحضور لك رغم تواجدك..!! انزح من حيث سكناك فلاحيز يضمك.. غادر من مكانك حيث لا شيء يتسعك. اغضب فلم يعد لمشاعرك أي مقدار ولن تتغير لك مجمل الأحوال، اسخط فلم يعد لأحاسيسك تقدير؛ لتنال المأمول، اركض حيث تشاء فالمسافات بعيدة جداً ولن تصل إلي أدنى مبتغاك، أكره فالأمر ليس له أهمية تذكر أو معنى يرجي لمن كانو عند حسن ظنك. نادي فلا مجيب لك والله فكأن على العيون غشاوة دائمة، ولتبحث في الكون عن مكان يلملم جراحك أولا، ويجفف دموعك اليتيمة، ويشفق على الكثير من نبضاتك الحائرة. ودعني أسألك أليس لك قلب يدرك حين أحببت..!؟ أليس لك عقل يستوعب حين كان اللقاء الأول!؟ أليس لك حس يعرف حين كانت النظرة الأولى. كأنك جاهل بأمور الحياة، كأنك ساذج في معرفة تفاصيل غير المحبين، كأنك قاصر في فهم أعماق نفوس الآخرين. كأنك مازلت طفلاً يحتاج للمزيد من العناية. أنت تائه في الممرات الصغيرة، بل أنت ضائع بين الطرقات الكبيرة، وأنت فاقد جميع الاتجاهات. متى تنظر للآخرين بعقل راجح، وبصيرة نافذة، وبعد نظر كبير ولا أظن أنك كذلك.

أيها النازح البائس حين يحين ذلك المساء بظلامه وتبدأ طيوف الفكر المؤلمة في قبيح زيارتها لك، وتبعث قذارة كدر أحوالها؛ لتذكرك بكل أسف بالماضي التعيس، وتذكرك بأفعالهم الجارحة فلا تلتفت أيها النازح الحزين لها بأي حال من الأحوال، ولا تهتز أبداً ثقتك بنفسك ولا تضيق عليك أنفاسك، ولا تعطي الأمر أكبر من حدود حجمه.. فصدقني الحياة رحيبة وإن شعرت بضيقها فهذا نزغ باطل من الشيطان، والسعادة ترفرف حولك وإن توهمت أنها خيال فهذا وهم من النفس، فالفرح والسرور والحبور يحيط بكامل أطرافك المتقاربة وإن لم تكن تراه فكل ماعليك أيها النازح التفاؤل وبعث البهجة في دواخلك من جديد فأنت تستحق والله كل الحب لطيب قلبك، وأنت تستحق كل الغرام لصدق عواطفك، وأنت تستحق كل الهيام لرقة أحاسيسك ولكن انزح على عجل من عالمهم الزائف، وارحل إلي حياة من تحب حقا فالكون الكبير به من يشابهك في الحب والهيام والغرام والعشق وستجده يقيناً على موعد الحب الأصيل وماعليك سوى الرحيل والبحث عنه فهل سترحل أيها النازح؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى