المقالات

أين يكمن الأمان الوظيفي؟

الأمان الوظيفي يقصد به مدى رغبة الموظفين في الاستمرار في العمل في المنشأة التي يعملون بها. ويعد الأمان الوظيفي من أهم المرتكزات التي تصب في المصلحة المشتركة للموظف والمنشأة سواء كانت حكومية أو خاصة؛ حيث تعد هي الشعلة والفتيلة للإخلاص والولاء في العمل للمنشأة. يعتقد البعض أن الأمان الوظيفي يتلخص في الوظيفة الحكومية أكثر من القطاع الخاص ولكن هل هذا الاعتقاد صحيح؟ أو في محله؟ أو أن هناك عوامل متعددة للشعور بالأمان الوظيفي أكثر شمولية ولها أبعاد بغض النظر عن نوعية المنشأة؟!

تم الإشارة في العديد من كتب الإدارة عن عوامل الأمان الوظيفي ومدى ارتباطها بشكل كبير بالرضى الوظيفي بدءًا من الراتب الجيد والحوافز، ومرورًا بوضوح الوصف الوظيفي وضمان التعليم والتطوير والترقية وصولًا إلى التعامل الإنساني، والذي يؤدي كله بنتائج إيجابية على نفسية الموظف ومحصلته الإنجاز وتميز بيئة العمل، ويساهم بشكل ملحوظ في العملية الإبداعية والابتكارية والعطاء بحب في بيئة العمل من جانب الموظفين.

إن الوضوح في المهام والتكاليف المنوطة للموظف في التوصيف الوظيفي يعد أول خطوة للأمان والرضا الوظيفي، وفي شريعة المؤمنين هو العقد الملزم بين الموظف والمنشأة لضمان أداء الحقوق للأطراف من جميع النواحي المالية والتشريعية والتطويرية والتدريبية والمحاسبة القانونية وغيرها.
عندما يستشعر الموظف الوضوح في المهام؛ فإنه يستطيع تأدية دوره بالشكل المطلوب منه، كما وأن التوصيف يجب أن يتضمن بوضوح الرئيس المباشر الذي يباشر تهيئة الموظف للعمل وتسلم له التقارير للمراجعة، وسيكون المسؤول أيضًا على التقييم الدوري لمتابعة تحسين وتجويد الأداء للموظفين.

إن تأطير التشريعات والتوصيفات الفضفاضة وغير الواضحة المعالم تعطي الصلاحية المطلقة للمنشأة بتفسيرات للوصف الوظيفي بما يتماشى مع المصلحة المتفردة لها وليس على المصلحة العادلة والمتبادلة مع الموظف، وقد يكون لذلك مترتبات لثغرات وتحديات بين الواقع والمأمول من الوظيفة، وستضطر المنشأة لسد ثغراتها على المدى الطويل بعدم الأمان والرضا الوظيفي من منسوبيها، وستتجرع ويلات تدني المستوى في الأداء.

قد يخفى على المنشآت تفاصيل دقيقة يرجح فيها مصلحته المنفردة لأسباب مالية أو هيكلية، ويضرب بعرض الحائط كل المؤثرات والعوامل على الأمان والرضا الوظيفي، ويسهو أن لذلك تبعات المساءلات والضغوطات لصالح الموظفين أنفسهم حين تكبر دائرتهم للمطالبات بالحقوق المفقودة؛ حيث لا يصح إلا الصحيح ولو بعد حين.

نرى ولله الحمد بعض النماذج المشرقة والعقول الاستشرافية النيرة في المنشآت الحكومية والخاصة، والتي تبذل الجهود المستمرة لتحقيق الأمان والرضى الوظيفي من خلال العوامل التي تم سردها ليقينها أن المردود الإيجابي على المدى القصير والطويل على المنشأة والموظف تضمن التكاملية والتجاذب عوضًا عن التناقض والتنافر بما يثمر خير لتجويد الخدمات المقدمة من المنظومة والمنشأة؛ ولذلك نرفع أيادينا لهؤلاء تحية احترام وإجلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى