المقالات

ومن يكون امرؤ الـقيس

أمر مؤلم أن نرى لغتنا الأم فى مأزق، وحتى لا أخفي عليك عزيزى العربي، الأمر جد خطير، والقضية نستطيع أن نعطيها مسماها الحقيقي وهو تدهور اللغة العربية، وكيف لا تتدهور وقد أصبحت أبواق العرب أنفسهم تتحدث لغات أخرى على رأسها الإنجليزية، وقبل أن تتهمنى بالرجعية والتخلف وتحاول استخدام قاموس الجهل والظلامية دعني أوضح لك أمرا مهما يخفى على كثير من الناس وهو أن العلم مطلوب وتعلم اللغات المتعددة أمر رائع لكن قبل أن تتباهى بـ(هاي) وتردد بين أصدقاء عملك (بونجور) على سبيل دغدغة مشاعر الشباب فيكم، عليك أن تتعلم لغة أهلك وهي لاجدال رمز للهوية العربية والإسلامية.

لقد أصبح الاتجاه الغالب فى البيئات العربية هو تفضيل أولياء الأمور لمدارس اللغات على المدارس الحكومية، وقد يبدو الفشل الذريع لمؤسسات الحكومة وخاصة تعليمها الأعرج سببا كافيا، ولكن في الأغلب يكون نوعا من باب الوجاهة الاجتماعية، والنتيجة غالبا هزلية، فالطالب العربي الذي أراد والده أن يعلمه فيحسن تعليمه، قد تخرج من الثانوية وهو لايجيد اللغة العربية، وهناك سبب آخر لتدهور اللغة العربية وهو ضعف تدريس اللغة نفسها وتواضع أداء المعلمين، ففي حصة النحو مثلا يتضح جليا قصور مجامع اللغة العربية في تيسير مناهج اللغة.

وفي النصوص نرى العجب، نصوص منفرة تشجع الطالب على الانتحار شنقا والمعلم يطلب منه حفظ “مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل”، يا أهل اللغة رفقا بأبناء لا يفرق معظمهم بين الفاعل والمفعول، ويسألون في دهشة “ومن يكون امرؤ القيس”.
وفي عقيدتي أن المحلات والسوبر ماركت التي تختار الأسماء الأجنبية لتصفع عينيك في كل مكان تؤثر بشكل سلبي على تذوق اللغة، فضلا عن المتحذلقين الذين يتحدثون بالعربية وسرعان ما يدسون بعض الكلمات الأجنبية في محاولة لاستعراض قدراتهم الثقافية والمعرفية.

حتى وسائل الإعلام المختلفة ترتكب نفس الجريمة، وتقتل ـ في غير رحمة ـ هويتنا العربية، حيث اللغة العامية سائدة، ومصطلحات لا علاقة لها باللغة العربية، ويقينى أن سبب تدهور اللغة العربية فى الأساس هو أننا شعب غير منتج للحضارة، لذا فإنه واجب علينا أن نستهلكها كما هي.
يا سادة إن اللغة سلاح لا يستهان به، وأما الحل فهو تلافي كل أسباب تدهور اللغة والدعوة إلى مؤتمر قومي عربي يجتمع فيه ممثلو المجامع اللغوية ووزارات الثقافة والتعليم لوضع برنامج للنهضة باللغة العربية، وحتى نستفيق من غفلتنا التي طالت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى