المقالات

سيـول جـدة وحلول نيوم NEOM

يسهم مشروع “نيوم” في تجسيد رؤية 2030 من خلال إعلانه عن مناطقه الأربع: (أوكساجون OXAGON مدينة الثورة الصناعية الرابعة واﻻقتصاد الدائري، وسندالة SINDALAH جزيرة ملاذ الفخامة الفريدة للسياحة العالمية، وذا ﻻين The Line مدينة رفاهية الخيال العلمي والتقني، وتروجينا TROJENA جبال سياحة الفصول الأربعة)؛ ليصبح مشروع نيوم NEOM وجهة موثوقة لطلب الحلول الإبداعية واﻻبتكارية التي تحد من إدراج الممكن تحت تعميمات المستحيل.

فآمل من مقام إمارة منطقة مكة المكرمة اﻻستفادة من إمكانيات “نيوم” لدعم دراسة فكرة هذا المقال بخصوص الحلول اﻻستباقية لمواجهة آثار سيول الأمطار ذات الغزارة غير المتوقعة؛ ودراسة مدى إمكانية تعميم الفكرة على بقية المناطق في حال جدواها.

سننطلق أولًا من أهداف أي علم وهي: (الوصف، والتفسير، والتنبؤ، ثم الضبط والتحكم)؛ وهذا يعني أننا متى ما وصفنا واقع هطول الأمطار، ثم فسرنا كيفية جريان سيولها وفق طبيعة تضاريس الأرض، حينها يمكننا التنبؤ العلمي بآثارها على ما يواجه مسار جريانها، وفي ضوء ما سبق سنتمكن من وضع الحلول اﻻستباقية لضبط عدم تكرار تلك الآثار والتحكم فيها بعون الله.

وثانيًا هناك فرع من علم الهندسة الميكانيكية يعرف بميكانيكا الموائع Fluid Mechanics يدرس السوائل والغازات كموائع أثناء سكونها وأثناء حركتها، ويُعنى هذا العلم بصناعة الهياكل المتحركة والسيّارة في الهواء أو الماء؛ كالقطارات والسيارات والطائرات والصواريخ والسفن والغواصات؛ بهدف التنبؤ بأنسب وأجدى الهياكل حركةً وسيرًا في الهواء أو الماء.

الـمـقـتـرح:
1- تصميم خرائط ثلاثية الأبعاد (مجسمة) لمنطقة مكة المكرمة أو اﻻستفادة من الخرائط المتاحة لدى وكالة “ناسا” للفضاء، أو خرائط Google Earth، أو خرائط ArcGIS Earth، أو غيرها من المواقع العالمية المتخصصة في الخرائط ثلاثية الأبعاد.

صورة ثلاثية الأبعاد لجبال شرق جدة من Google Earth
صورة ثلاثية الأبعاد لجبال شرق جدة من Google Earth

2- إدخال هذه الخرائط في الحاسب الآلي المبرمج أصلًا على المحاكاة اﻻفتراضية وفق ميكانيكا الموائع.

3- استخدام أرشيف المركز الوطني للأرصاد للحالات المطرية السابقة، وأيضًا افتراض أقصى التوقعات غير المؤرشفة لغزارة الأمطار.

4- بعد طلب محاكاة الكمبيوتر لما أدخل فيه من حالات مطرية مؤرشفة أو ما نفترضه من أقصى حالات مطرية؛ سيصف لنا جريان السيول على تلك الخرائط المجسمة المدخلة؛ ليفسر ما سيحدث بدقة أقرب ما تكون فيه للواقع، سواءً كمية أو سرعة أو كثافة أو قوة ضغط جريان السيول من الجبال للأودية والشعاب، ولمناطق التقائها، ثم حركتها داخل المناطق السكنية، وسيشاهد ذلك كله على شاشة المراقبة لحظة بلحظة، وبمؤشرات كمية بالأرقام، ومؤشرات وصفية بالألوان؛ وبذلك نكون قد وقفنا على تنبؤ علمي دقيق لما قد ينجم من آثار لـ(أقصى) توقعاتنا للحالات المطرية فضلًا عما هو مؤرشف من حالات مطرية سابقة.

5- في ضوء تنبؤات تلك المحاكاة اﻻفتراضية يمكن لجهات اﻻختصاص فهم ماحدث وما يمكن أن يحدث، ومن ثم وضع الحلول العلاجية والاستباقية لتفادي تكرار خطورة تلك الآثار والحد منها بكل الوسائل الممكنة؛ من مصدات لتوجيه مسارات السيول إلى مساحات آمنة، أو تجميعها بالسدود التكتيكية، أو تفريقها بمجاري التفريق قبل وصولها لنقاط اﻻلتقاء الحرجة التي تجعلها سيلاً عارمًا مدمرًا، أو حظر المخططات الجديدة من إزالة بعض المرتفعات التي أظهرتها المحاكاة كمصدات طبيعية.

وختامًا.. فكل أدوات دراسة وتحقيق هذه الفكرة ومقومات نجاحها متاحة لدينا؛ من مهندسي ميكانيكا الموائع في الأمانات والجامعات، وخبراء التصميم والبرمجة اﻻحترافية؛ وكفاءات تصميم وتنفيذ الحلول الإبداعية واﻻبتكارية، ولله الحمد..

ولتأكيد جدوى هذه الفكرة؛ لدينا نيوم NEOM.. فربما أعدت برنامجًا بهذه الفكرة للتنبؤ اﻻستباقي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الفكرة جميلة جدا و جزيرة بالدراسة ….بارك الله فيك دكتور خالد و نفع بك الامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى