المقالات

المدير الفاشل.. واستراتيجية التطفيش

قامت شركة بامبو للموارد البشرية (Bamboo HR)، بنشر دراسة لها في العام 2017؛ وكانت الشركة قد استطلعت رأي ألف موظف من شركات تعمل في مجالات مختلفة؛ فطرحت عليهم عددًا من التساؤلات حول أداء وسلوكيـات المديرين، ومن ثم استنتجت أسوأ السلوكيات التي تضايق الموظفين بل وتدفع بهم إلى ترك وظائفهم، والبحث عن وظائف غيرها في مؤسسات أخرى، وقد شملت الدراسة على مجموعة من أسوأ الصفات التي يتصف بها بعض المديرون ذوو الاتجاهات الإدارية السلبية، والتي تؤدي غالبًا إلى شعور الموظفين بالمعاناة. هذه المعاناة التي تتفاقم ليصبح من الصعوبة بمكان تحمّلها؛ الأمر الذي يقود الكثير منهم إلى سرعة التفريط في وظائفهم رغم ما توفره لهم من مكاسب مادية وما تحققه لهم من استقرار وظيفي واجتماعي، والبحث عن وظيفة أخرى فرارًا من جحيم ذلك المدير الفاسد. كما سلطت الدراسة الضوء على العديد من السلوكيـات الشخصية والإدارية السلبية التي يمارسها المديرون في بيئات أعمالهم، والتي تجعلهم إلى حد كبيـر شخصيـات مكروهة ولا يُطاق التعامل معها بالنسبة للموظفين بغض النظر عن مجال العمل وحجم الشركة، لكن الدراسة سلطت الضوء بشكل أكبر على عشرة من الأخطاء القاتلة التي تضع المدير في رأس قائمة الشخصية السايكوباثية التي تتسبب في معاناة الموظفين أكثر من غيرها الصفات الأخرى.

وكانت سرقة المدير لمجهودات الموظفين والقيام بنسب أعمالهم إليه، أو ربما إقحام اسمه ضمن المشاركين تلك المجهودات والنجاحات رغم عدم وجود أي دور له في ذلك؛ قد جاءت كأول الأخطاء العشرة التي تتسبب في نفور الموظفين من وظائفهم، حيث يستولي هؤلاء المديرون على نتائج أعمال الموظفين وتقديمها للجهات العُليـا باعتبارها أعمالهم. بمعنى آخر، سرقة مجهود الموظفين ونسب أعمالهم إلى المدير نفسه للاستفادة منها ماديًا وإداريًا أو تسويقيًا أو حتى معنويًا لإرضـاء نفسه ذاتيًا. هذا السلوك تحديدًا حاز أعلى نسبة من التصويت باعتباره “سلوكًا غير مقبول بتاتًا” بنسبة 63%، ثم جاء موضوع عدم ثقة المدير في أداء الموظف للقيام بمهمة معينة. وقد جاءت في المرتبة الثالثة لأسوأ سلوكيات المدير الفاشل؛ أنه لا يهتم إطلاقًا بقيام الموظف ببذل المزيد من الجهد في العمل، وربما لا يعترف أصلًا أن الموظف قد بذل جهدًا إضافيًا يستحق عليه الاهتمام والثناء والشكر والتقدير، وقد حصلت هذه الصفة على نسبة 58% كثالث أسوأ سلوك يقوم به المدير السيئ. أما في المرتبة الرابعة فيأتي سلوك المدير في عدم اهتمامه بمنح الموظف أي دعم أو تحفيز مادي أو معنـوي؛ لأنه أساسًا لا يعتبر أن الموظف يقوم بعمـل يستحق الدعم، وكانت خامس السلوكيات التي تُثير استياء الموظفين من مديرهم هي قراراته الخاطئة وأحيانًا المتهورة في تعيين وترقية داخل المنظمة بل يسعى لدفع الكثير من تلك الكفاءات للتسرب خارج المنظمة، وربما يقوم بتحفيز ومكافأة موظف لا يعمل بكفاءة ويتجاهل آخرين يعملون بجهد كبير وكفاءة عالية، لمجرد أن الأول موظف يجيد التملق أو موظفة تجيد التغنج فقط!! مما يجعل الموظفين يشعرون بالظلم وعدم الثقة والاستياء بل والتشكيك دائمًا في نزاهة قراراته، وأعتقد أن هذه النوعية من المديرين يشترط عند تعيين مساعديه وكذلك فيمن يتولى إدارة أي قسم في المنظمة بأن يكون قليل الخبرة وحتى وإن كان من ذوي الخبرة يشترط أن يكون مطيعًا له ولا يفكر ولا يقترح ولا يعطيه ولو مجرد فرصة لإبداء برأيه حتى وإن منحه لقب مستشار فالمقصود مستشار على ورق. أما بالنسبة لترتيب بقية السلوكيات من السادسة إلى العاشرة فقد تراوحت ما بين المدير الذي لا يدعم ولا يساند الموظف في حالة حدوث مشكلة في العمل، مرورًا بالمدير الذي يقحم نفسه في أدق تفاصيل العمل وبصورة لا تُتيح أي مساحة للموظف ليفكر ويبدع ويبتكر بحرية، ثم تأتي سلوكيات المدير الذي يُركّز دائمًا على أخطاء الموظف ويتجاهل إنجازاته وقدراته، وأخيرًا المدير الذي لا يضع توقعات واضحة للمراحل المقبلة سواء في استقرار العمل أو سياسة الحوافز أو نظام الترقيات للموظفين، وإنما يترك ذلك للمجهول تحت عباءة خططه الاستراتيجية الفاشلة؛ لكي يبقى الموظفون في حالة خوف وقلق دائم تجاه مستقبلهم الوظيفي.
المدير السيكوباتى هو شخص مصاب باضطرابات نفسية مخيفة تُثير القلق في نفوس مرؤوسيه حول حقيقة شره وسلوكياته المتطرفة وعدم تعاطفه مع الآخرين، وبحسب دراسة نُشرت في العام 2016 أجراها باحث في جامعة بوند الأسترالية، أوضحت أن واحدًا من كل خمسة مديرين تنفيذيين قد أظهـر علامات سريرية واضحة تدل على شخصية سايكوباثية. الدراسة أُجريت على (261) مديرًا مهنيًا في مجالات مختلفة، واتضح أن 21% من عينة الدراسة يمكن وصفها بشخصيات سايكوباثية؛ وهي دون شك نسبة عالية تشعر العاملين بعدم الأمان الوظيفي والخطر القادم؛ فتبدأ قوافل الموظفين في التسرب إلى خارج المنظمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى