المقالات

فلسفة تسويق البحوث العلمية وأثرها الإيجابي

لما كان التعليم أحد الدعائم الأساسية لتحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي؛ ولأن التقدم الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين أصبح يمر عبر العقل الإنساني المُنتج، فقد أخذ الاقتصاديون يعملون بخطط مستحدثة تطويرية تنسجم مع نظرتهم الجديدة للتعليم باعتباره المحرك الأساس للنمو الاقتصادي، وأصبحت الدول المتطورة والمتقدمة تعمل على توفير بيئة مواتية ذات قيمة اقتصادية وابتكارية، مضافة تولد الأرباح في جامعاتها، وتساعد على رفع مستوى الرخاء الاقتصادي بما يتلاءم مع الاقتصاد المعرفي وسياسات سوق العمل.
وفي هذا الإطار فقد سعت المملكة جاهدة للوصول إلى مصاف تلك الدول، وترجمت رؤيتها 2030 ذلك السعي الدؤوب بترسيخ مفهوم الدعم اللامنتاهي، للبحث والتطوير في الجامعات، وعبر الصناعات الوطنيّة بأسلوب يساهم في تحفيز الأبحاث وإنتاج المعرفة على مساري التنمية الاجتماعيّة والتنمية الاقتصاديّة مع مشاركة القطاع الخاص، وتحويل الجامعات إلى مؤسسات منتجة وفق خطى ثابتة تساعد في زيادة رصيد المعرفة والإنتاج الفكري من أجل تنمية الثروة البشرية، ورفع كفاءتها الإنتاجية لبناء مجتمع معرفي من خلال العمل في مشاريع بحثية إنتاجية، والمشاركة في الانفتاح على المجتمع، وتكوين علاقات متبادلة مع المؤسسات المختلفة، كما تُعد الجامعات مؤسسات لتسويق المعارف والأبحاث المرتبطة بالسوق، ولا يعني ذلك أنها شركات تجارية بل هي مؤسسات لها أهداف ومهام تسعى لتحقيقها في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع.
والتسويق البحثي يخلق علاقات تواصل بين الجامعة والمؤسسات الإنتاجية والخدمية في المجتمع، ويركز تسويق البحوث العلمية على إشباع حاجة المستفيدين من الجامعة في الجهات الحكومية والخاصة، ويعد من أهم آليات تنفيذ الشراكة المجتمعية مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص من أشكاله ومنها على سبيل الذكر لا الحصر: البحوث المدعومة، والبحوث التعاقدية، والخدمات الاستشارية، والتضامن، والترخيص، وتأسيس الشركات، والمنح والتبرعات المخصصة لاستحداث الكراسي البحثية، وقد نصَّت المادة (49) من نظام الجامعات الجديد الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/27) وتاريخ 2/3/1441ه، على أنه من الممكن أن تكون إيرادات الجامعة من الأموال التي يتم الحصول عليها نتيجة القيام بأبحاث أو دراسات، كما أن للجامعة القيام بأبحاث أو خدمات علمية لجهة سعودية مقابل مبالغ مادية، وتدرج عائدات هذه الأبحاث في حساب مستقل تُصرف في الأغراض التي يقرها مجلس شؤون الجامعات.
ومن زاوية أخرى فإن فلسفة التسويق للبحوث العلمية تستند على ثلاثة أبعاد رئيسية وهي: (الأهداف التسويقية): وتشمل إشباع حاجات ورغبات المستفيدين، وتضيف للجامعة قيمة مبتكرة، و(الاستراتيجيات التسويقية): ويقصد بها الطريقة التي تنتهجها الجامعة في تخصيص المنتجات البحثية وتوزيعها واستخدامها لتحقيق أهداف التسويق البحثي، وتشمل استراتيجية تمايز المنتج، واستراتيجية المحيط الأزرق، واستراتيجية التركيز على قطاع سوقي محدد، و(الأدوات التسويقية): وتشمل المنتج، والتوزيع، والسعر، والترويج ويطلق عليها المزيج التسويقي.
إذا ما وظفت هذه الأبعاد في دعم تسويق البحوث العلمية باعتبارها أحد الأنشطة الإنتاجية التي تقوم بها الجامعات، فقد يحقق العديد من الفوائد للجامعات، كالتمويل الكافي للجامعات، وإتاحة فرص كبيرة أمام المنتجين لها من أعضاء هيئة التدريس للتطبيق الميداني لأبحاثهم، وتوظيف مهاراتهم، ولا مناص من القول بأن البحث العلمي وتسويقه له أثر إيجابي كبير على بناء قاعدة معرفية تمكن الجامعات من إنشاء أسواق جديدة وفريدة من خلال عقد شراكات وتحالفات استراتيجية تتيح لها تبادل التقنيات التكنولوجية الحديثة والمتطورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى