المقالات

أنت المحتوى المحلي

لا شك أن الوطن؛ أي وطن لن يملك مقومات القوة ما لم يعتمد على مقدراته، ممكناته، ثرواته لينهض، ليشد عضده بتغذياته الداخلية، بمنتجاته المحلية.. لضمان استمراريتها، جودتها، استدامتها، ليحظى بالأمان ما دامت بين جنبيه، بين أكنانه وفي احضانه.. ليكون هو الأم الرؤوم الذي يُغذى بالحياة، بتلك العناصر المتنوعة؛ الأحياء منها والمكونات الطبيعية والبيئية كـ الأبناء البررة تبادله جميلا بجميل، وعطاء بعطاء!!

أنت المحتوى؛ كـ إنسان هذا الوطن؛ كـ ثروة بشرية، كعمق تاريخي، كـ انتماء جغرافي، كقوة عظمى؛ تتعلم، تعلم، تبحث، تعمل، تبني، تزرع، تطور، تتعمق، تنمي أفكارك؛ مواهبك، قدراتك، مهاراتك لتكون متخصصا دقيقا في مجالٍ من مجالات الحياة المتنوعة، لتكون نموذجا مشرفاً، عالماً متمكناً، مهنياً متمرساً، تقنيًا بارعاً، فنيا متعمقاً؛ مبتكراً أصيلاً، موهوباً متفرداً، عبقرياً لامعاً.. لتكون منتجاً ذا عطاء مدرارٍ في مختلف المهن والمجالات؛ التقنية، الصناعية، الزراعية.. لتكون جنديا متفانيا لخدمة الأمن؛ حافظا للعهد، صادق الوعد.. لتكون مواطناً مخلصا وفيــاً أينما عملت، لتكون منجزا لما أوكل إليك، لتتمتع بحس المسؤولية، لتشعر بقيمة الانتماء، لتقوم بحق الوطنية الصادقة.. لنضع جميعا مقدرات الوطن نصب أعيننا، لنذوب في مجتمعنا، لننصهر في بوتقة الحب والانتماء، لنكن تحت إمرته، لنعمل يداً واحدة لإنمائه وتطوره، لنتبادل الود والولاء مع قيادتنا، لنكون جسدا واحدا لا يتجزأ إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر!

أنت -عزيزي- المحتوى بما تحمله من علوم، معارف، مهارات، ممكنات للتنمية المستدامة!!

أنت- أيتها الأسرة المباركة – المحتوى الأهم لأنكم تضعون البذرة الأولى للمواطن النافع، أنتم من يربي، يزرع القيم، يطبع العادات الأول، ينمي الفكر، يبني الشخصية، يصنع الحصانة.. يطور النشىء ليكون مهيأ للعلم، للعمل والانتاج!!

أنت – أيها المربي الفاضل، المعلم المخلص – المحتوى النافع إذ تبني العقول وتصقل الفكر وتنمي الشخصية، أنت من يكمل مسيرة الأجيال ليصلوا لمبتغاهم، ليتحقق في ذواتهم الهدف المنشود، ليكونوا نافعين لأنفسهم، لأهليهم، لوطنهم!!

أنت -أيها الإنسان – المحتوى؛ لأنك خليفة الله في الأرض، بما تقدمه من خدمات عملية في مجالات الحياة المختلفة.. في مجالات التعليم، الطب، الهندسة، التقنية، بما تقدمه من انتاج صناعي، تنقيب، تعدين.. بما تنتجه من محصولات زراعية، منتجات حيوانية، بما تمارسه في الحياة من مشاركات متنوعة.. بما تقدمه في المجالات الإعلامية، الدينية…ألخ!!!

أنت المحتوى – أيها النبيل- بما تتمثله من قيم دينية وأخلاقية، من انتظام وانضباط، بما تنتهجه من سلوك قويم، من ثبات على عادات المجتمع ومثله العليا، من مناوأة للأفكار الهدامة والعادات الدخيلة!!

أنت المحتوى -أيها الراقي – عندما تمثل الاعتدال والوسطية التي تحمي الفكر من الانجراف يمنة أو يسرة؛ تجاه التشدد البغيض أو الانحلال الخبيث، لتكون صورة مشرقة للمسلم الحق، لقيم السعودي المجبول على الفطرة السوية!!

أنت المحتوى – أيها الأبي – عندما يكون الحرص ديدنك، الإتقان منظورك، الإنجاز هدفك، حب الوطن غايتك!!

أنت -سفير الكلمة- صانع المحتوى الهادف عندما تكون إعلاميا متمكناً ، تملك زمام الكلمة الرنانة بأسلوب شاعري، كرسائل هادفة ذات نسق بليغ ومعنى عميق؛ فصاحةً ونصاعة.. عندما تكون كاتباً يسيل قلمك من محبرة فكرك الناضج بالخير والصلاح، بالفكرة الصائبة، بالتوجيه السليم، بتأكيد المباديء الطيبة، بالتنبيه على المخاطر التي تتناوشنا من هنا وهناك، عندما يكون عقلك مرآةً للعلم متوجاً بالحكمة البالغة، والأدبية المتلألية كالدر الثمين والمعدن الأصيل!

أنت المحتوى، عندما تغدق على الآخرين بالمبادرات النفعية والعمل الخيري والمشاركات الفاعلة؛ إصلاحاً أو نشراً للخير؛ عطاء وإرفاقـا أو إنفاقا، منبثقـــاً من نبلٍ كريم وخلق رفيع وشعور مهيب ودافع خيري منبعه ضمير حي؛ احتسابا للأجر وتعميما للفضل!!

أنت المحتوى – أيها الخطيب – عندما تجعل من المنبر منصةً شرعية ثقافية توعوية تعاصر الأحداث كما تتماشى مع المستجدات والمناسبات لتضع النقط على الحروف؛ كوعظ نافع أو شرح ماتع أو توجيه جامع؛ لتأكيد قيمة إيجابية أو لبيان نازلة شريرة أو مخالفة سيئة!!
أنت – أيها التاجر – المحتوى، عندما تكون أميناً في اختياراتك، في بضاعتك، في أسعارك، في تعاملك، في البعد عن الغش والتزوير.. لتضيف قيمة اقتصادية كإثراء للسوق المحلية، وتوفيرا للمتطلبات، وتأميناً لما يعوز المستهلك، لتكون نافعاً شاكراً لأنعم الله عليك!!

أنت – أيها المواطن، المقيم- المحتوى، إذ يعول عليك العمل والتفاني لتكون منتجا بعلمك، بعملك المخلص الدؤوب فيما يحقق الرفاه والتقدم لوطننا!!

جميعنا نشكل المحتوى الوطني بممكناتنا الشخصية، بما نقدمه.. بولاءنا، حبنا، انتماءنا، بتضحياتنا، بنتاجنا، بإدراكنا لقيمة الوطن والمواطنة، لقيمة الأمن والاستقرار، لأهمية ما نقدمه بصفة فردية أو جماعية، رسمية أو شخصية، ندبا أو فرضا.. بوقوفنا صفا واحدا لخير الوطن والدفاع عن ثراه!!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال يحمل بين طياته كل تفاصيل الممكنات المطلوبة من انسان هذه الارض بمختلف مشاربهم حيث وضعت المشرط على الجرح بتوصيف جميل جدا استاذ فلاح
    نعم ابدعت بكل زوايا المقال زادك الله علما وسعة في المعرفة ووفقك لما فيه خير البلاد والعباد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى