عام

العَلَم السعودي

بما أن المُحب يهيم بمن يعشق؛ فإننا – نحن السعوديين- نرى في علم وطننا كتابًا يحمل في طياته الكثير من التفاصيل والرُّؤى والتطلعات بما لا يمكن حصره.. فإنني إذ ذاك أقرأ من خلال ما أعرضه في هذا النص الملامح العامة لمضامين رايتنا الخضراء الخفاقة في سماء وطننا الأبي، لعلها تفي ببعض مما نستوحيه من هذه الصورة المشرقة والصفحة اللامعة المتصدرة لجماليات الأرض والفضاء!!
تأتي تلك التصورات من كون العلم السعودي متفردًا، وله خصوصية تميزه عن غيره، بما يحمله من قيمة دينية ووطنية، وبما يرمز له من عُمق تاريخي يعود لأكثر من ثلاثة قرون، وبكونه يحمل أبعادًا ذات مدلولات عديدة مركبة لا توجد إلا له، كونه حـــيًا ناطــقًا، بدءًا بلـــونه الأخضر الزاهي الذي يدل على الخصب والخير والنماء، وهو في ذات الوقت يتجاوز البُعد المادي إلى الروحي والإيماني (يحاكي لون السندس الأخضر الأخروي)، إضافة للانعكاس النفسي إذ يضفي السعادة والحبور وحب الحياة ليمنح مزيدًا من الطاقات الإيجابية والحب والانتماء والعطاء، زد على ذلك التطلع للنماء (التنمية المستدامة المتمثلة في الاكتفاء الذاتي بتحويل التصحر إلى الخضرة النضرة، لتترجم ذلك المفهوم مبادرة السعودية الخضراء؛ وبرامج البيئة والزراعة؛ جمالًا وإثمارًا)، وهو كذلك يفيض بالتيامن بمستقبل واعد بالازدهار المضطرد والتقدم المتسارع تجاوبًا مع متطلبات العصر وتقدم العلم والحث على العمل ..كما سطرت عليه شهادة التوحيد الخالدة التالدة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) للدلالة على أنها المرجعية الأساسية لنظام الحكم، والعمل بمقتضاها؛ شريعة ومنهج حياة، ولتكون منطلقًا للعلم والبحث والاستقصاء والتدبر؛ إعمالًا للعقل، وإيقاظًا للفكر، ليبدع ويبتكر، ينمو ويتطور .. بلوغًا للاستخلاف الموعود الذي أراده الله لنا كأمة مسلمة (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55] فيما لم يُدْع مجردًا من دعامة الثبات والاستقرار؛ رمز العدل والإنصاف (السيف) حيث وسم القوة والمنعة (هوية الفارس العربي)، وكتتويج لمرحلة النضال والانتصار، ليحقق معادلة السلم وفرض القانون معًا، لذا وشح بـ(السيف) ليوحي بالقوة والعدل والعزة والأنفة؛ ليبقى أمد الدهر مرفوعًا شامخًا يُعانق السماء لا ينكس!!
كل تلك المكونات شكَّلت للعلم السعودي (راية التوحيد) فخامة وريادة وتمكينًا وهيبة تتعالى لتجاور الأفلاك؛ تُحاكي الأنجم، تباري البدر في غسق الدجى، والشمس في وضح النهار.. لتحيك أحرفًا من نورٍ بخيوط من ذهب تنبئ عن التقدير والاحترام والتمجيد للسعودية (الإنسان والمكان)؛ بفعل مجيد وخلق قويم، وصنع حميد؛ نبلًا وكرمًا، تسامحًا وتعايشًا .. لتردد الآفاق صدى (فوق هام السحب وإن كنت ثرى)!!!

كيف لا ترفع شعار التوحيد؟! والسعودية تضم بين جنباتها أطهر بقعتين، وأعظم قدسيتين (الحرمان الشريفان)، وهي مهد الإسلام ومتنزل القرآن؛ مهبط الوحي، ومئزر الإيمان، وإليها تهفو الأفئدة وتسمو الأرواح لتحظى بشرف الحج والعمرة والزيارة.. وهي من ترعى وتحفد، تعمل جاهدة لخدمة الحرمين وزوارهما لينعموا بطيب الإقامة وشرف العبادة بيسر وسهولة معززين مكرمين!!
ولما لا تجعل من هذا العلم رمزًا إسلاميًا وطنيًا يستحق الاحتفاء، وهو الراية التي تحققت في ظلها الوحدة الوطنية والائتلاف المجتمعي في بوتقة الوطن الكبير؟!
ختامًا:
جاء الأمر المكي الكريم بأن يكون يوم 11 مارس من كل عام يومًا خاصًا بالعلم، باسم (يوم العلم)؛ انطلاقًا من القيمة العظيمة للعلم السعودي، وبما يستحقه من حفاوة وتكريم تليق بمكانته كراية عز وفخر خالدة تحمل أعظم عبارة ترددها الألسن؛ توحيدًا وتعبدًا وتقربًا للمولى الكريم!!

حفظ الله قيادتنا ووطننا وأمننا، واسبغ علينا نعمه الظاهرة والباطنة!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى