المقالات

كيف نحمي المجتمع من باعة الأغذية الفاسدة؟

لا يمكن أن نجد مبررًا للمخالفات المقصودة المؤثرة على صحة الناس وسلامتهم وحياتهم، ولا يمكن التهاون بها أو التساهل ‏في تطبيق الإجراءات النظامية ضد مرتكبيها مهما كانوا، ولا ينبغي أن نقبل تمريرها طالما عملت بقصد مع يقين بسوء نتائجها، وهنا يتطلب الأمر تطبيق الجزاءات الصارمة بقدر درجة التأثير، وبما يحقق الردع والتحذير من عمل مثل ذلك؛ حماية لأفراد المجتمع.
شدّني إلى ذلك مقطع مصور لحملة مداهمة قامت بها الجهات المختصة لأحد مستودعات الأغذية في إحدى مدننا يقوم العاملون فيه بإعادة تعبئة المواد الغذائية الفاسدة بعد إرجاعها من المحلات التجارية والأسواق لانتهاء مدة صلاحيتها وظهور العفن بها ثم يقومون -بطريقة مقززة- بكشط الطبقات العلوية التي يظهر عليها العفن وجمع البقايا لتصديرها مرة أخرى لتلك الأسواق والمحلات التجارية..بما تحمله من بكتيريا ضارة وميكروبات وجراثيم أشد ضررًا على صحة الناس وسلامتهم، وهذه ترقى لأن تكون جريمة مكتملة الأركان بتعريض الصحة العامة للأمراض التي تفتك بها ‏جراء هذا العمل الرديء! والقضية تتجاوز موضوع الغش التجاري إلى الأضرار الناجمة منها على أفراد المجتمع من جميع الفئات العمرية بسبب ذلك. فمنهم من يحمل الأمراض بسببها ومنهم من يتردد على المصحات؛ لأخذ العلاجات من آثارها ومنهم من تفتك به لينتقل إلى الدار الآخرة!! والمسألة ليست بتلك البساطة لإغماض العين عنها أو التغاضي عنها لما تحدثه من أضرار بل أخطار على جميع أفراد المجتمع، وما يخسره المواطنون والمقيمون من صحتهم وأموالهم، وما تخسره الدولة كذلك لعلاج أولئك المتضررين في مراكزها الصحية ومستشفياتها.
‏ولو حسبنا الخسائر الكبيرة التي تحصل جراء ذلك لوجدناها أكثر بكثير مما يتصوره البعض خسارة في الصحة والمال والجهد والوقت والراحة والأرواح من أجل أطماع أشخاص أنانيين معدودين لا هم لهم سوى ملء جيوبهم بالأموال بأي طريقة حتى لو كانت النتيجة هلاك الناس، ولا نجد لهم أي عُذر يقبل طالما فتحوا تلك المستودعات الكبيرة وأحضروا فيها العمالة السيئة، فجميعهم يفقدون الحس الضمير وقبل ذلك انعدام الدين، فتلك الممارسة تعدّ من الأعمال المنهي عنها شرعًا ونظامًا وهي ضد الإنسانية إجمالًا، ولا يقبل أن تمرّ على أنها أخطاء عمالة على الإطلاق، فأصحاب الشركات والمؤسسات هم من يتحمل المسؤولية كاملة، ‏ويفترض أن لا يتم تغطيتها على أنها من أعمال التستر، فهم ليسوا غائبين عن المشهد وهم من يدفعهم إلى تلك الجريمة بكل ما تحمل من معنى، ومن الواجب تعريتهم والإفصاح عن أسمائهم ومحاسبتهم بشدة فصحة الناس وأرواحهم ليست رخيصة للدرجة التي يمكن التجاوز عن ‏عمل قد يدرج ضمن أعمال الفساد لنتائجه المركّبة المتوالية في كل الاتجاهات، وينسحب ذلك على ما تم اكتشافه من لجان المداهمات في محلات تصنيع الفحم الصناعي بغازاته الفتاكة ونحو ذلك من الأشياء المشابهة في ضررها وشدة خطرها، والمجتمع يتطلّع إلى أن تكون المعالجات بقدر الخطورة، فلا يهمنا ترحيل العمالة مع بقاء المتسببين الرئيسيين يكسبون ويسرحون ويمرحون وقتلاهم في القبور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى