المقالات

المُبالغة في المناسبات

تريد الذهاب لزيارة صديق فتـتجه إلى أقرب متجر حلويات وأفخم معرض عطور؛ لتشتري هدية لصديقك ثم تجده في انتظارك مع ثلة من أقاربه وذويه يستقبلونك بالبخور والشيلات والحفل الخطابي الذي يفقد الزيارة البسيطة الكثير من أهدافها؛ فتستمع لبرنامج الحفل بلا وعي لأن تفكيرك مشغول بما كان لديك من أهداف تبخرت مع هذا الكرنفال المبالغ فيه؛ إضافة إلى تفكيرك لمعاملتهم بالمثل في حال زيارتهم لك وإن زادوا زدنا !!!

تعزم آخر في منزلك؛ فيأتيك بأصدقائه وأقاربه ومن يعز عليه دون سابق إخبار؛ لتنقلب البساطة إلى أعباء والراحة إلى تعب فلا تستمتع بزيارته وتبادل الأحاديث الودية معه، ولا تسلم من الخسائر الفادحة والترتيبات المفاجئة، وينصب تفكيرك بالقيام بزيارة مماثلة لترد له الصاع صاعين !!!!

أعرف أحد الأصدقاء من متوسطي الدخل عزم أحد رموز المجتمع، وكان ذلك الرمز معزومًا الليلة التي قبلها في مناسبة أخرى حضرها أخونا في الله؛ فما كان منه الا أن ألغى كافة الترتيبات السابقة التي اتفق عليها مع أبناء عمومته بما في ذلك مقر الاحتفال إمعانًا في المنافسة مع المضيف الأول الذي كلف نفسه فوق طاقـتها، وشملت تكاليف المناسبة بقية الأهل والأقارب !!

لذلك أحجم البعض عن حضور الكثير من المناسبات لئلا يدخلون في منافسات غير شريفة لا تنتهي؛ لأن هدفها الرياء والسمعة والتبذير، وتحميل النفس ما لا يُطاق.

الأمر تجاوز إلى الأقارب والأرحام الذين صلتهم واجبة وتواصلهم مطلب؛ فانقطعت صلتهم ببعضهم البعض أو اضمحلت خوفًا من التكاليف والتبذير والإسراف الذي لا فائدة منه.

موائد المناسبات المبالغ فيها في رمضان فاقت الوصف وأتعبت كاهل الكثير من الأسر في ظل المزايدات المتعمدة حتى لا يكون فلان أحسن من فلان، وفي النهاية ياليت الفائض يصل للجمعيات الخيرية والأسر المحتاجة !!

زاد الطين بلة وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تترك شاردة وواردة إلا وشاركت فيها بالنشر والتضخيم والتصوير، وإضفاء المزيد من الإثارة المزيفة ذات المردود السيئ.

وبالرغم أن ديننا الحنيف وعاداتنا المتأصلة وقيمنا السامية تحثنا على إكرام الضيف والاعتناء به إلا أن ذلك تجاوز حسن الاستقبال وبشاشة الوجه وتقديم الوجبة المناسبة إلى التنافس غير المحمود الذي قد يكون سببًا في قطع الصلات وانعدام التواصل؛ ولذلك فإنه لا شيء أفضل من البساطة والبُعد عن التكلف لتدوم الصلات وتتحسن العلاقات.

– كاتب رأي ومستشار أمني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى