الثقافيةحوارات خاصة

يحيى توفيق يترجّل… والشاعر الجدع يستعيد سيرة الود والشعر: كأن جدة فجِعت بصوتها المغرد

رحل الشاعر السعودي الكبير يحيى توفيق حسن، أحد أبرز الأصوات الشعرية في المشهد الثقافي السعودي، وصاحب القصيدة الشهيرة “سمراء”، وديوان “ما بعد الرحيل”، وأحد أبناء جدة الذين وُلدوا في حارة المظلوم عام 1929. برحيله، يغيب صوت من الرعيل الأول الذي عاش القصيدة بصدق، وبقي وفيًا للكلمة ولحسّها الإنساني العميق.

وفي إطار متابعة صحيفة مكة الإلكترونية لرحيل الفقيد، أجرت لقاءً خاصًا مع الشاعر الدكتور عبدالإله جدع، الذي كتب كلمات مؤثّرة في وداعه قائلاً:
“رحيلك موجع يا صاحب القصيدة والورقة الأخيرة.”

وقال الدكتور جدع في حديثه لـ«مكة»: «عرفته أولاً صديقًا لوالدي، ثم أصبح صديقًا قريبًا لي. كانت بيننا جلسات شعرية وإنسانية لا تُنسى، وفي حضرة لعبة البلوت التي كان يُتقنها كما يُتقن صياغة البيت الشعري. كان كل لقاء معه قصيدة، وكل حديث معه ساحة إبداع».

وأضاف: «شرفني يومًا حين كلّفه معالي أمين جدة السابق المهندس عبدالله يحيى المعلمي بالعمل على إصدار ديوان جدة، حيث اختار إحدى قصائدي وطلب مني المشاركة في اختيار بعض النصوص الأخرى. كانت تلك الثقة تاجًا على مسيرتي الأدبية».

الفقيد يحيى توفيق حسن يرحمه الله

وأشار جدع إلى بيت شعره الذي كان يردده الفقيد كلما تأخر عنه في لقاء أو رسالة:
“مرّ وقت يا صديقي لم أرك.. أي شيء جدّ عني أخرك؟”
وقال: «كأنه كان يستبق الغياب ويمهّد للرحيل… ورحيله اليوم وجعٌ شخصي، وكأنه انكسر في الروح وتر».

وعن أبرز مواقفهما المشتركة، أكد: «المواقف كثيرة، لكنها كلها تنبع من إنسانيته. لم يكن شاعراً فحسب، بل كان صديقاً وأخاً ورفيقاً للبساطة والبهاء».

أما عن أقرب قصائده إلى قلبه، فقال: «قصيدة ما بعد الرحيل التي كتبها عام 1990… واليوم نقرؤها عليه».
ومنها:

يا جُرحي المخبوء في أعماقي
يا حزني المصلوب في أحداقي
أنا كلما حاولتُ نبذك من دَمي
ركضت إليك يدي تشدّ وثاقي

وحول تلقيه نبأ الوفاة، قال جدع: «تلقيت الخبر وكأن جدة فاض حزنها. وكأن البحر أضناه فقد من كان يلوّح له بالموج والقصيدة».

وفي ختام حديثه، قال: «رحمك الله يا أبا يوسف… ستبقى في القلب، وبين السطور، وبين جلسات البلوت التي لم تكتمل بعدك. لك الدعاء، ولنا الذكرى المريرة».

رحم الله الشاعر يحيى توفيق حسن… وأسكنه فسيح جناته، وألهم محبيه وتلاميذه الصبر والسلوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى