المقالات

قبل أن توقع عقداً

 

أشارت الإحصائيات الأخيرة أن القضايا التجارية في تزايد إذ بلغ إجمالي الدعاوى المقيدة أمام الدوائر التجارية بالمملكة ( ١٣٤١٢) قضيه لعام ١٤٣٧هـ . وبالرغم من ان التجار والراغبين في تأسيس مشاريع تجارية يدرسون وضع هذه المشاريع من كافة الجوانب الا أن البعض منهم يغفلون الجوانب القانونية والتي تعد ركيزة أساسية للمشاريع التجارية الصغيرة منها و الكبيرة. وما ازدياد اعداد القضايا التجارية و تعطل المشاريع التجارية الا من أثار اغفال تلك الجوانب في مرحلة التخطيط و الإعداد لتلك المشاريع. وللاسف يعتمد الكثيرون في اعداد عقود مشاريعهم من خلال خبراتهم الشخصية او من خلال الصيغ المتاحة على الانترنت. وهناك من يوقع تلك العقود دون ان يقرأ او يعي الاثار القانونية المترتبة عليه.
فقد لا يتصور الانسان الذي يخوض غمار هذه التجربة انه قد يقع ضحية جريمة نصب و احتيال من قبل الطرف الاخر او شخص ما تظهر عليه ملامح الصدق و الأمانة والادعاء بالسمعة التجارية الحسنة، فكثير من القضايا اثبتت احتمالية الوقوع في فخ لعمليات تلاعب و نصب و إحتيال حيث ان الطرف المتلاعب غالباً يستطيع ان يوصل الى ضحاياه جميع تلك الانطباعات المتعلقة بالامانة و الصدق و الجدية لانه ببساطة متمرس بها وقد يكون كررها عدة مرات و يعلم اغلب ردات فعل ضحاياه ولديه اكثر من وسيلة إقناع لايقاعهم بما يريد ، وللاسف كثير من هؤلاء الضحايا يلجأون للمحامين والمستشارين بعد وقوع المشكلة مطالبين ببذل جهود مضاعفة لإخراجهم من هذا الفخ الذي وقعوا فيه نتيجة إهمالهم لخطوة بسيطة جدا وهي الاستشارة القانونية قبل التعاقد والتي كانت قد تكفيهم وتحميهم من مواجهة خطر ضياع مدخراتهم و أموالهم وتوضح لهم جدية العقد والأثار المترتبة عليه و كيفية حماية حقوقهم قبل التلاعب بهم. فمجرد توقيع مثل هذه العقود قد يجعل منك ضحية في مهب أساليب التلاعب و المماطلة و جرائم النصب و الاحتيال المتخفية في غطاء المعاملات المدنية و التجارية. وللاسف فان ذلك يخضع الضحية عند اكتشاف تلاعب الطرف الاخر لإلتزامات واثار قانونية لم تكن تخطر في بال الطرف الموقع على العقد فتجد الضحية نفسها مشتتة بين أقسام الشرط و هيئة التحقيق و الادعاء العام وجهات مختلفة في الاختصاص القضائي مثل محاكم التنفيذ و المحاكم الجزائية وجهات اخرى في سياق اللجان القضائية او محاكم الموضوع محل الدعوى . نعم انها قصة قد لا تتصور يوما انك قد تواجهها امام جهات عدلية يحاول المتلاعب بك ان يشتتك حولها حتى يتعبك و يرهقك عن المطالبة بأموالك فضلا على عشرات الأنظمة التي سوف تخضع لها وانت لم تعرفها يوما في حياتك. والحقيقة المؤلمة انك لن تجد محامي يعاملك مع تعدد قضاياك لحصولك على حقك كقضية واحدة لانه ببساطة قد تتعدد قضاياك وبالتالي تتعدد اتعابها . كل هذه المشقة و الأضرار يمكن أن يتجنبها المرء اذا ما سعى للحصول على المعلومات القانونية المتخصصة قبل الأقدام على خطوة التعاقد . ومن واقع التجربة فإن مجرد اطلاع المستشار القانوني على العقد كفيل بالكشف لك عن إحتمالات الايقاع بك في قضايا تتضمن التلاعب والخداع او حتى احتماليات لحدوث مشكلات قانونية نتيجة عدم وضوح العقد او قصوره أو ضعف صياغته . وثق تماماً ان الطرف المتلاعب دائماً يحرص على ابعادك عن كل أبواب الإستشارة تحت غطاء الثقة و العجلة و عدم تفويت الفرص كما انه سوف يفر منك بمجرد معرفته لإدراكك حقيقة تلاعبه قبل وقوعك به. فثقافة اللجوء الى المختصين قبل التعاقد تحميك من التلاعب و من ضياع الأموال و الأوقات و الجهود وكما قالوا قديماً
” درهم وقاية خيرا من قنطار علاج “

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى