الثقافية

للمسرح ِرجالٌ تحميه

أحيانًا يكلفك المسرح كل حياتك، يجعلك في مواجهة دائمة مع كل شيء يحيط بك، لأن المسرح فن متمرد على كل أشكال الحياة و أعرافها، المسرح هذه الحياة و أكثر، فهو فهم لما وراء الأمور و قراءة مستقلة لكل تصرف يعبر منك أو إليك.
يقول “بيتر بروك”:( في الحياة تبدو الفوارق بين ما هو حي وما هو ميت واضحة، غير إنها في حقلنا تختفي وراء الحجب) لذلك نرى أستمرارية هذا الفن الذي امتد من أرسطو إلى وقتنا الحالي، هذا لأنه حقيقة يجعلنا نمر بعدد كبير من الأسماء العالمية التي حملت المسرح بين أكفها و كانت بحق نقاط تحول مفصلية في التاريخ، أذكر منهم مثلا جورج شتيلار، بيتر ستين، روجيه بلانشون، باتريك شيرو،بيتر هول، غروتوفسكي، هذه الأسماء غيرت حقيقة من تاريخ اللعبة المسرحية و كلفهم ذلك حياتهم و كما يقول الدكتور محمد سيف عن هذه الأسماء: (امتلكوا القدرة على أن يضيفوا فصلاً جديدا إلى تاريخ المسرح، الذي لولاهم لبقى جامدا بمكانه، في نقطة موته).
في زمن مضى كان هناك رجل اسمه جون بوكلان و يلقبونه موليير، هذا الرجل من الأسماء القليلة التي وهبت جل حياتها للمسرح بل و أهدته روحها ، بكل بساطة قدم موليير دوره الأخير فوق الخشبة و أهدى المسرح روحه و مات كما لم يمت أحد من قبل، موليير هذا المسرحي الذي عاصر راسين وكورنيل ولافونتين وسيرانو وغيرهم هم أدباء عاشوا في عصر موليير ولكن لم يستطيعوا أن يعرفوا وأن يقدروا المسرح كما قدره هو، موليير أحد أهم الأسماء التي قامت بحماية المسرح و تحملت عناء الحياة فقط لأنه كان متهمًا بأنه ( مسرحي ) فقد حياته بأسرها وعاش متمردًا ومناضلا و مات مسرحيا و تم دفنه بشكل مسرحي و غريب و كأنه يشبه تلك ( الكوميديا الرفيعة ) التي أسس لها موليير و وضع لها خطها المحلي الذي سافر به إلى العالم بأسره.
تخيلوا أن المسرح يجعلك تمسك بيد الموت لأجله !
هكذا هم المسرحيون ، سدنة هذا الفن و أهله، و أشخاص تزورهم المصيبة فيستقبلونها بابتسامة ساخرة و يقفون كما وقف غيرهم من النبلاء الذين جعلوا المسرح سلاحهم الذي يضيؤون به العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com