
الباحة – أجواءً عريقة وذكريات لا تمحى من الذاكرة، شقاءٌ ومعاناة وبؤس تعادل قسوتها الفرحة التي تهل عليهم بقدوم الشهر المبارك أو العيد بالطرق التقليدية بإشعال المشاعيل البعيدة أو بالانتظار أوقات طويلة حتى يأتي إليهم المرسال ليؤكد لهم أنه حان موعد الإفطار وجاء العيد.
ذكريات كثيرة ومواقف لا تنسى، يرويها لصحيفة “مكة” الإلكترونية في زاوية “لقاءات رمضانية” معرّف قرية القِفَرة : حسن أحمد يحيى القافري الكناني الزهراني المعروف بحسن الشاعر .
أهلًا ومرحبًا بك ضيفنا، وكل عام وأنتم بخير ومبارك عليكم الشهر الكريم.
وأنت والقراء الكرام بخير وصحة وسلامة.
– كيف استقبلت شهر رمضان هذا العام خلاف ما كان عليه العام الماضي من الحجر المنزلي؟
الحمد لله استقبلته أنا وغيري بكل فرح وسرور، وأداء الصلوات الخمس، والتراويح في المساجد خلاف عامنا الماضي الذي لزمه الحجر المنزلي.
– حدثنا عن بداية صيامك ؟ ومتى كانت؟
بدأت الصيام وعمري تقريبًا 15 سنة بقريتنا القفرة بوادي ثمران بمركز الشعراء بتهامة الباحة.
– هل كنت تصوم من تلقاء نفسك أم الوالدين كان لهما دور في ذلك ؟
كنت أصوم من تلقاء نفسي.
– كيف كان يستقبل الأهالي شهر رمضان في ذلك الوقت ؟
كانوا يستقبلونه بالفرح والسرور، وكان جماعتنا في السراة تجيهم أخبار دخول الشهر عن طريق إمارة المندق في ذلك الوقت كانت تُسمى إمارة، ويشعلون المشاعيل على قمم جبال السراة، ونعرف أن شهر رمضان هل علينا، ويستقبله الأهالي بالعرضات والبنادق، ويهنئون بعضهم البعض ابتهاجًا بقدوم شهر الخير.
– حدثنا عن المعاناة التي كان يعيشها الآباء والأجداد في شهر رمضان ؟ وعن كيفية توفير مستلزمات الصيام من مأكل ومشرب في ذلك الوقت ؟
كان الآباء والاجداد والأمهات في القرية يعانون أشد المعاناة في شهر رمضان، كان الجميع في وقت النهار يشتغل عند مزارعه، وفي رعي الأغنام في الجبال، وجلب الماء من الآبار في القِرب والحطب من بطون الأودية ومن الجبال.
وكانت حياة صعبة جدًا خلاف ما يتعرضون له من حرارة الشمس والعطش حتى إن البعض يتفجر لسانه، وتتشقق شفتاه بالدم من شدة العطش.
أما بالنسبة للمأكولات ما كنا نعرف إلا قرصان الذرة والدخن، والبعض يكون لديه دقيق الحنطة، وكان من ينقص عليه الدقيق يأخذ مع جارة حتى يجي وقت السوق، ويشتري ويعيده لجاره ورفيقه؛ حيث كان السوق يوم الخميس فقط.
– ماهي أبرز الماكولات والمشروبات التي كان يتناولها أهالي القرية في سحورهم وإفطارهم؟
الذره والدخن والحنطة، كان البعض يفطر خبزه مع قهوة، ويتسحر فتوت أو عيش دخن مع السمن أو حليب الغنم، والذي ماعنده سمن وحليب يفطر ويتسحر خبزه وقهوة، أما المشروبات ماكان فيه إلا الماء والقهوة.
– كيف كان برنامجكم اليومي الرمضاني ؟
برنامجنا في النهار رعاية الغنم وحماية البلاد من الطيور والقرود حتى قبل المغرب، وبعد صلاة العشاء نجتمع عند مسجد القرية مع كبار السن، ونتبادل علوم الديره والسيره عن الوادي والبلاد والأسواق والبيع والشراء، وبعدها كل واحد يروح لبيته ينام حتى قرب وقت السحور.
– كيف كنتم تتلقون تعليمكم الشرعي في شهر رمضان ؟
كنا نتعلم الفاتحة، وبعض سور القرآن القصيرة، وأركان الإسلام والصلاة وأركانها من أمام مسجد القرية، ومن كبار السن.
– من هي الشخصية التي تأثرت بها في صغرك ؟
تأثرت بكبار السن من أهل القرية، كانوا حريصين على صيامهم وصلاتهم، وكنت أتأثر بهم حيث أن والدي توفي وعمري 7 شهور -رحمهم الله- جميعًا. كما تأثرت بالأجداد الفارس يحيى القافري وابنه الشاعر الفارس معيض بن يحيى وأسرة القافري بوجه عام، وذلك من خلال سوالف كبار السن في القرية عنهم، والتي كانت تروى لنا في ذلك الوقت.
– لكل شخص له ذكريات جميلة وخاصة في شهر رمضان ماهي الذكرى التي لم تفارق مخيلتك ؟
طريقة إعلان دخول شهر رمضان وحلول عيد الفطر وإشعال تلك المشاعيل كان لها فرحة غامرة في قلوب أهالي القرية، ومنظرها الجميل على قمم الجبال كان له طابع خاص في ذلك الوقت، ولا زلت أتخيل تلك المناظر.
– ماهو الموقف الذي لازال عالقًا في ذاكرتك ؟
فيه موقف أذكره وهو عيد رمضان ما جانا خبره إلا الساعة العاشرة صباحًا، ونحن في الجبال مع الأغنام؛ وذلك من قلة الإعلام.
كان الأمر يجي لإمارة المندق، وإمارة المندق تقوم بإعلامه للقبائل القريبة، وكل قبيلة تنقله للي حولها أما اليوم ولله الحمد وسائل الإعلام متوفرة ومتاحة، وتنقل جميع الأخبار أولًا بأول وبكل دقة.
– حدثنا عن مظاهر العيد وكيف كان يستقبله الأهالي ؟
كان أهل القرية عندما يشاهدون المشاعيل على جبال السراة تغمرهم الفرحة والابتهاج، ويستقبلون عيدهم بالفرح والبنادق والحناء، كان الرجال والنساء الكبير والصغير يحنون أيديهم وأرجلهم ويتغرزون بالريحان، وكانوا يجتمعون في بيت أكبر واحد من أهل القرية الرجال والنساء، في مجلس يسمى (مجلس القفراء)، وبعد صلاة الفجر يتجه الرجال إلى مشهد القرية يصلون صلاة العيد والنساء يشبين النار على الحطب، ويخبزن الخبز، ويصلحن القهوة، وما يرجع الرجال من المشهد إلا والخبزة والقهوة جاهزة، وتذبح الذبائح ونديفطرون؛ وكأن أهل القرية بيت واحد وليس عدة بيوت، وتستمر الاحتفالات طيلة أيام العيد.
– ماهي الألعاب التي كنت تُمارسها أنت وأقرانك في زمنكم ؟
كنا نلعب ساري سرى، والكبابة والجرائع.
– ماذا تقول لجيلنا في الوقت الحاضر من خلال معايشتك لأنواع الطقوس الرمضانية المختلفة ؟
أقول لهم احمدوا الله على ما أنتم فيه من نعم لاتعد ولا تحصى، والدعاء لولاة أمر هذه البلاد الذين يبذلون الغالي والنفيس من أجل راحة المواطن والمقيم في هذا الوطن الغالي.
– ماهو طبقك المفضل على مائدة الإفطار قديمًا وحاليًا ؟
الحمد لله السفرة مليئة بالمأكولات بكل مالذ وطاب، وأنا أفضل التمر والسمبوسة والمثل يقول: “كُل ما يعجبك والبس مايعجب الناس”.
– مارأيك فيما يعرض على الشاشة في شهر رمضان من برامج؟
برامج طيبة وهادفة تعيد لنا بعض ماعشناه في الزمن القديم.
– ماهو البرنامج الذي تحرص على مشاهدته قديمًا وحاضرًا ؟
كنت أحرص على متابعة الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله-، أما الآن ليس لدي برنامج محدد.
– ماهي العادة التي افتقدها العم حسن في شهر رمضان ؟
الحمد لله لم أفقد شيئًا بل تحولنا من حال تلك الحياة الصعبة والقاسية إلى حياة الرفاهية والنعم التي لاتعد ولا تحصى نسأل الله أن يديمها.
– بماذا تريد أن تختم هذا اللقاء ؟
أختم بالدعاء لولاة أمر هذا الوطن الغالي أن الله يحفظهم، وينصرهم على أعدائهم، وأن يوفقهم إلى ما فيه الخير والصلاح، ويجعلهم ذخرًا للإسلام والمسلمين.
والشكر وعظيم الامتنان لحكومتنا الرشيدة التي جعلت صحة المواطن قبل كل شيء، وقدمت لقاح كورونا بالمجان لكل المواطنين والمقيمين على أرضها
كما أرفع التهنئة لسمو ولي العهد بقدوم المولود عبد العزيز الذي أسماه على اسم جده الملك عبد العزيز -طيب ثراه- الذي وحد هذا الكيان العظيم بعد الفرقة والشتات إلى شعب واحد تحت راية التوحيد أخوة متحابين كالجسد الواحد.
واختم بقصيده قلتها العام الماضي في شهر رمضان.
يايوسف اوصيك واوصيك وازيد واعيد
اهلى الردى لا تصدق صلحهم والمراضا
قلال شيمه ولو اعطيتهم حد رمضان
اهلى الردى لاخذو معروفنا ينكرونه
الرد
يالله طلبناك يالله قبل ما يجي العيد
نطلبك يا خالقي تشفي جميع المراضا
وانا في البيت دايم قاعد حد رمضان
حتى التراويح ما صليتها من كورونا.
وأشكر صحيفتكم على هذا اللقاء الذي من خلاله تربط الجيل الحالي بالجيل الماضي، وكل عام وأنتم بخير.







لقاء رائع وجميل
انعم واكرم بالشيخ حسن ومنه نستقي منه كل ماهو مفيد عن الماضي