
في تحذير شديد اللهجة، أكد الدكتور نظير عياد، مفتي جمهورية مصر العربية، أن أداء فريضة الحج دون الحصول على التصريح الرسمي يعد “مخالفة شرعية” يستوجب الإثم على فاعلها، وذلك على الرغم من صحة أداء الفريضة نفسها. جاءت تصريحات المفتي، التي أدلى بها يوم الجمعة، لتسلط الضوء على الأبعاد الشرعية والتنظيمية لمناسك الحج، في ظل التحذيرات المتكررة من السلطات السعودية بخصوص الحج غير النظامي.
وشبّه الدكتور عياد الحج بدون تصريح بالصيام عن الطعام والشراب مع إيذاء الناس باللسان، موضحًا أن العبادة في هذه الحالات تكون صحيحة، ولكن يترتب عليها إثم المخالفة التي لا تمس أركان العبادة الأساسية
شدد مفتي مصر على أن التصاريح التنظيمية ليست مجرد إجراءات شكلية، بل هي ضرورية للحفاظ على سلامة الحجاج وتيسير أداء المناسك. وأكد على أن ولي الأمر هو المسؤول عن هذا التنظيم، وعليه فإن طاعته واجبة شرعًا، مستندًا إلى الآية القرآنية الكريمة “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم”.
وأضاف عياد أنه “لا يجوز شرعًا مخالفة ولي الأمر خصوصًا فيما يحقق مصالح الناس كما هو الحال في تنظيم شؤون الحج؛ ولذلك لا يجوز شرعًا للإنسان أن يحج من دون تصريح، ومن فعل ذلك كان آثما شرعا بمخالفته ولي الأمر”.
وفي نقطة محورية، أوضح مفتي مصر أن الحصول على التصريح أصبح اليوم من شروط الاستطاعة التي يجب توافرها لأداء فريضة الحج. فمن لم يتمكن من الحصول على التصريح، فهو “غير مستطيع أصلاً، ومن ثم فهو غير مخاطب بالحج”، ما يعني أن شرط الاستطاعة المادي والبدني قد اتسع ليشمل الجانب التنظيمي.
مفاسد الحج غير النظامي: إضرار بالنفس والغير وصورة الدولة
لم يقتصر تحذير الدكتور عياد على الجانب الشرعي فحسب، بل تطرق إلى الأضرار والمفاسد المتعددة التي تنجم عن الحج غير النظامي. وأشار إلى أن من أهم هذه المفاسد إفساد العبادة على الغير، حيث يتسبب الحجاج غير النظاميين في الزحام الشديد الذي يؤثر سلبًا على العدد المسموح به في إطار الأمكنة والخدمات المتاحة. بل قد يؤدي هذا الزحام إلى الضرر والإضرار، وربما الهلاك والإهلاك.
وحذر المفتي من أن الحج غير النظامي يضر بصورة الدولة أمام العالم، ويسبب أضرارًا جسيمة على الجهات المنظمة لشؤون الحج. كما أنه يؤدي إلى مشقة على المسؤولين والمنظمين وزيادة ضغط الأعداد، وهو ما لا تتوفر له التجهيزات الكافية، مما يسبب ضررًا محققًا على حد تعبيره.
واستشهد الدكتور عياد بالحديث النبوي الشريف: “لا ضرر ولا ضرار”، مؤكدًا أن “المحافظة على المظهر الحضاري للبلاد في هذا المؤتمر السنوي العالمي أمر مطلوب شرعي ينبغي على الأفراد مراعاته”.
واختتم مفتي مصر تصريحاته بالتأكيد على أن تنظيم الأمور من قبل الجهات المختصة في الحج وغيره يعد نظامًا عامًا، و”خرق النظام العام في جميع الأحوال لا يجوز شرعًا”. وأضاف أن “إذا كان هذا الخرق له أثر سلبي فإن إثمه أشد وتوجيه اللوم لفاعله أكبر؛ لأن في ذلك تضييع حقوق الناس وتفويت المنفعة عليهم”.