نعم، أنا هنا في الولايات المتحدة، لمشاهدة الهلال في كأس العالم للأندية. نعم، أنا هنا، شاهد عيان على ما يحدث. تنقلنا مع الهلال في رحلة عجيبة شرق الولايات المتحدة، من ميامي إلى واشنطن شمالاً ثم ناشفيل، ثم أورلاندو.. والقادم أجمل بإذن الله. للتوضيح فقط: حين أقول تنقلنا فأنتم تعلمون أني أتحدث عن آلاف الأميال في كل رحلة. هذه أمريكا وهذه عجائبها التي لا تنتهي.
البارحة فعلها الهلال، أقصى مانشستر ستي من البطولة، وخبص كل الحسابات. من قطار يتجه جنوباً، ألتقط ما تبقى من أنفاسي، وأسجل لكم بعض الملاحظات:
– المشروع السعودي مشروع عظيم، على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية والرياضية. ما حققه الهلال هنا دليل على ذلك.
– الأجواء حول ملاعب المباريات مجنونة؛ ترونها في التغطيات. لكن الفرح والحماس والضحك الذي يحدث يجعلك تعرف ما الذي تقدمه كرة القدم لأي مشروع حضاري في الدنيا. تعرف.. وتفرح.. لا .. بل ترقص فرحاً.
– العرب في كل مكان يحتفون بنا، ويشجعون الهلال، والسعودية. جماهير عربية من كل مكان ساندت الهلال، وكانت تعلم عن تفاصيل الكرة السعودية ما لا أعلمه أحياناً. حين أقول العرب فأنا أعني عائلات بأكملها جاءت لتستمع بالأجواء (الحارة جداً) مع الهلال.
– ساعد في هذا أن الهلال هو الفريق العربي الوحيد الذي فعلها وتأهل.. وها هو يفعل معجزة كروية ويتجاوز السيتي؛ أقوى فرق البطولة. هذا جعل الجميع يتحدون خلف الهلال.
– في كل مكان نذهب إليه تحفنا أسئلة الناس. الأمريكان ودودون وفضوليون. ودوماً يسألون عن سبب مجيئنا؛ وهذا يفتح الحديث عن المشروع الكروي. جملة الأمريكان غير مهتمين بالكرة، لكن الأخبار تصلهم. هم يعرفون السعودية، ويدركون أهميتها. لكن الفضول يأخذهم تجاه الدوافع التي تجعل كبار النجوم يتجهون إليها. الأموال نعم.. لكن قوة الدوري السعودي، والثقافة والحركة السياحية، وفرص العمل، كلها عوامل نناقشها معهم.
– لاحظت أعداداً كبيرة من المراهقين والشباب الصغار الذين يحضرون، يحضرون مع أهاليهم لمباريات الهلال. هؤلاء الصغار تجذبهم أخبار النجوم، وأدهشهم مستوى الهلال في البطولة.
– كنت خارجاً من الفندق، حين وجه لي فتى صغير سؤالاً عن الهلال. كان مع أمه، حضروا من مدينة مجاورة، لحضور مباراة الهلال، هي ليست مهتمة بالكرة، لكنها مهتمة بابنها؛ يشجع ليفربول، ولاعبه المفضل فإن دايك.. ويعرف سالم، ويتمناه في ليفربول. كان يحمل في يده علم الهلال.. كيف حصل عليه؟
– ناشفيل مدينة مختلفة؛ كاوبوي في حالة احتفال ممتدة ليل نهار. صخب وموسيقى في كل زاوية، وفي كل وقت. كل بقعة فيها فرصة للغناء والرقص. داهمهم فجأة هدير من نوع مختلف: (يا أزرق معاك الله..) خرجت جماهير الهلال محتفلة بالتأهل، واحتلت السيتي سنتر.، ناشفيل أصبحت زرقاء.. ولو لليلة واحدة في تاريخها!
– الدوري السعودي سمّع.. كما نقول في الحجاز. في كل مكان نجد النقاشات حوله. شاهدت مباراة الإنتر مع بوكاجونيورز. الجماهير اللاتينية مجنونة، ولا ينافسها جمهور في رأيي. لكني وجدت نفسي في حديث مطول معهم عن ميسي، والهلال، ورونالدو، والنصر، ونيمار، وبنزيما. وطبعاً عن سالم.. وهدف سالم الخالد في الأرجنتين.
– كل سائق تاكسي يفتح معنا حواراً عما يدور في الرياضة السعودية، بعد مباراة السيتي قال لي سائق التاكسي: (كنت أعتقد أن النصر أقوى فريق في السعودية! رونالدو هو السبب. هل أغواه؟ رونالدو شاعر على طريقته.. والشعراء يتبعهم…).
– سائق فنزويلي آخر، حدثني عن هروبه من الشيوعية إلى فلوريدا. يحب بنزيما. يعرف أنه في السعودية. يحبه لأنه وسيم جداً.. هذا ما قاله لي.
– في كل مباراة نحضرها نجد عدداً من الأمريكيين والدول المجاورة يحضرون للاستمتاع؛ اقتربت مني فتاة صغيرة، قبل مباراة باتشوكا، وسألتني عن الفريقين. ثم سألتني: أي فريق يجب أن تشجع؟ فقلت لها: الهلال طبعاً. وبدأت معها بالغناء: هلال هلال.. حتى حفظت النغمة.. أخذت مني علماً، وراحت تغني مع أهلها. (أصابتها العدوى.. والعقبى للبقية).
– يحضر أيضاً شباب أمريكيون؛ يشترون أطقم الهلال الرسمية، وبعضهم يحمل علم السعودية. حماسهم معنا عجيب.. ويغنون. كان خلفي شباب لاتينيون يغنون للهلال.. لكنهم يقول: (آهلي.. آهلي..)، صححت لهم نطقهم. وقلت لهم موعد الأهلي بعد أربع سنوات.
– هذا ما نريد؛ نريد للفرق السعودية أن تسيطر على بطولات آسيا، نريد للأهلي والاتحاد والنصر والشباب والهلال… أن يشاركوا في كل محفل عالمي. ونريد للأخضر.. أن لا يغيب عن كأس العالم. طلبناك يا أخضر!
أنا في القطار الآن؛ المشهد أمامي أخضر تشهق له الروح، ويدندن القلب. حين يحدث كل شيء هنا، تكونون في المملكة نائمين. اليوم استيقظ كثير منكم على مفاجأة الهلال الجميلة. في أوروبا؛ كانوا نائمين أيضاً، كثيرٌ منهم استيقظوا على صدمة الهلال. كثير منهم تمنوا.. لو يكون كابوساً!
0

