
عبد الواحد عبد الجبار محمد التركي هاجر أجداده من الرَّس في أربعينيات القرن الثالث عشر الهجري إلى العراق بعد المعارك الدامية والأحقاد الكامية. ومن أحاديثهم ومداولاتهم أنهم من أهل البأس والقدرة والذكر والشهرة، وإلا لم يكن لهم قدرة على الرحيل والمسرى والمقيل، ومجاوزة مخاطر الطريق، وقلة الماء وحمل الصميل، حيث الطرق غير آمنة، وفيها اللصوص والأفاعي كامنة، ثم إيجاد فرصة للعمل في بلد أهله أهل بأس، ولا يتأهل فيه إلا من معه مال وقوة رأس وغرّاس، وسايس أفراس أو ضارب بفأس. وحيث بحمد الله تجوزت كل العقبات وتفرعت غصون الشجرة للعائلة، وأصبحت وارفة الظلال، ولا تزال عيونها متلفتة إلى الأطلال:
تلفّتُ نحوَ الحيِّ حتى وجدتُني وَجِعْتُ من الإصغاءِ ليتًا وأخدعا
سنة من الحياة أن المربى قتّال وجاذب، ولكن الظروف لها أحكامها ولا هناك أعز ولا أوثق من ترحل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة وحبه لها، وقد يسرّ الله له العودة لها بالأمن والإيمان، وهذا الالتفات الذي أتعب عنق الشاعر حتى كأنه ملتوٍ من كثر التلفت مما يجيش في الصدر، إلا أن العزيمة على مواصلة الطريق دافعة مستمرة، معاناة فاضحة قاربها البيتان الأول وما بعده:
قفا إنّه لا بدَّ من رَجــــعِ نظرةٍ مُصعَّدةٍ شتّــــــــــى بها القومُ أو معا
ولمّا رأيتُ البشرَ أعرضَ دوننا وجالت بناتُ الشوقِ في الصدرِ نُزَّعا
فهو حين رأى البشر السابق على هذين البيتين جال واجتوى هواه، جالت هواجس الشوق في صدره وعلِم علْم اليقين إن المفارقة حلّت وتيقنت وتباينت الديار في معالمها الجغرافية والطبوغرافية وصلاتها الانسيابية، ذرفت العينان واحدة بعد أخرى حتى وإن كانت إحداهما يظن بها ألا تبضّ بشيء:
بكت عيني اليسرى فلمّا زجرتُها عن الجهلِ بعدَ الحلمِ أسبلتا معا
فوصف العين السليمة النظر التي تبصر وتميز بالجهل حين ذرفت الدمع، إلا أن العين التي يظن أنها لا تعي ولا تحس ظافرتها بالإسبال، فأي شوق يوصف بعد هذا كله؟ وليس هذا العراقي الذي تعود أصوله إلى الرسّ بأقل اشتياقا من هذا الراحل إلى الشام وليست حينذاك حواجز حدودية، ولا تأشيرات ولا قوانين مَرْعِيَّة وإقامة وجنسية، إلا أن الأعراف الإنسانية والتحقق من البيانات الشرعية، وثالث الأثافي الجين المعين بعد عون الله، يحقق الاطمئنان والتواصل بسلام وأمان، وقد أرفق التركي في حسابه حساب محمد بن دخيل المالك mohamadalmalik)@)حينما ذكر المجاورة لسليمان صالح الضويان ويقول عنه: إنه لعجمي من عجمان الرّس، وهذا ما يتحدث به التركي، وسبيل كل ذلك أنه راسلني على وجه الخصوص وشافهني في المساحات بحكم طرحي البحثي عن بني تميم على وجه العموم، والعجمان على وجه الخصوص، وهذا الكلام ليس بسرّ، ويتردد في مساحات منصة (X)العلنية، وقد حلّل الرجل وتوافق مع أهل المنطقة -على حدّ قوله- وأرفق وثيقة (الجفير) الشهيرة في الرس، كتبها صالح بن محمد بن عبدالله، ونقلها سليمان بن حمد الرميح، ووضع خطًا باللون الأزرق تحت اسم عقيلة بنت علي بن زهير، وفاطمة بنت سليمان، والوثيقة مسجلة عام1347هـ، ولعلها تقارب رحيلهم أو بعده.
ولا شك في أن التذكر مورق لأهله وكلا لديه شيء من هذا الشوق قلّ أو كثر، وقد أحسن القائل حين قال:
إنّي تذكّرتُ والذكرى مؤرِّقةٌ
ولا نقول: ملك أضيع، ولكن أضيع أثمن منه من الوصل والصلة. والبحث في خدمة الجميع إنسانية واجتماعية تبين الحقائق كما تدل عليها القرائن وتثيره النقاشات، وتجمع عنها البيانات.
طَرَقَتْ نَوارُ ودون مَطْرِقِها جَذبُ البُرى لنواحلٍ صُعْرِ
نعم! كانت المسافات شاسعة ومقاربات الوصول شاقة وقد هوّن الله قصد السبيل، والذي كانت تقطعه سفن الصحراء في شهر أصبح لا يزيد عن ساعة بالسفن الفضائية على تيسير المولى:
ورَواحُ مُعْصِفةٍ وغُدوَتُها شهرًا تواصلُه إلى شَهْرِ
فأصبحت ساعة وساعة من الإقلاع إلى الهبوط حتى الوصول إلى المنازل والديار، ومرفق حساب عبد الواحد بن عبد الجبار التركي لمن أراد التواصل معه (Alturky1897@) وقد ورد اسمه كاملا وفق كتابه الذي ألفه في هذا الشأن (رحلة الألف ميل) عبد الواحد بن عبد الجبار محمد جاسم محمد حمد التركي آل علي، المحررة في محرم1442هـ، الموافق سبتمبر2020م، الطبعة الأولى، وهناك تفاصيل قد نعرض لها في بحث موسع وهذه المقالة إعلامية لشرح الحالة وللتواصل مع الباحثين والراغبين. والله الموفق لكل خير.
حررها:
تركي بن شجاع بن تركي الخريم
باحث تراث في المواضع الجغرافية والقبائل
@Turki11_88
26 ربيع الأول1447هـ الموافق 18 سبتمبر2025م






