المقالات

اليوم الوطني السعودي: وحدة راسخة وهوية متجددة

اليوم الوطني مناسبة وطنية عظيمة، تتجدد معها مشاعر الفخر والانتماء، وتستيقظ الذاكرة محملة بقصة كفاح طويلة بدأت على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – عندما أطلق مشروعه الكبير لتوحيد البلاد تحت راية واحدة واسم واحد: المملكة العربية السعودية. لقد كان ذلك الإعلان التاريخي في 23 سبتمبر من عام 1932م بداية فصل جديد في تاريخ المنطقة، إذ نقل الجزيرة العربية من حالة التفرّق والنزاعات إلى الاستقرار والوحدة، ومن الفوضى والشتات إلى الأمن والبناء.

لقد كان تأسيس المملكة حدثًا فارقًا في التاريخ الحديث، لأنه لم يكن مجرد توحيد جغرافي، بل توحيد للقلوب والمصير والهوية. ومنذ ذلك اليوم أصبحت المملكة كيانًا شامخًا يرتكز على قيم راسخة من الدين والعدالة والكرامة، وينطلق إلى المستقبل برؤية متجددة. واليوم الوطني حين نحتفي به، فإننا لا نحتفي بيومٍ في التقويم فحسب، بل نحتفي بميلاد وطن، وبداية مسيرة ممتدة عبر الأجيال.

إن المملكة العربية السعودية تزخر بتنوعها الجغرافي والثقافي والتراثي الذي يشكل لوحة فريدة من الانسجام والوحدة. ففي قلبها نجد ببيوتها الطينية وقصورها التاريخية التي شهدت البدايات الأولى للدولة، ومن الحجاز تصدح المآذن وتعج الأسواق القديمة بذكريات الحج والتجارة التي ربطت الشرق بالغرب عبر قرون طويلة، وفي الجنوب تنبض الجبال الخضراء بالحياة وتصدح الأهازيج الشعبية مثل العرضة والدمة، أما الشرق فله سحره الخاص بما يحمله من إرث البحر والغوص على اللؤلؤ الذي كان زينة الخليج ورزق أهله، وفي الشمال تبرز مدائن صالح وآثار حضارات عريقة، ومعها تراث الفروسية والصحراء التي كانت معبرًا للقوافل والرحلات التجارية. هذا التنوع الثقافي لم يكن تباينًا، بل اندمج في هوية وطنية واحدة صاغتها الوحدة ورسّختها القيادة، فأصبح كل جزء من هذه الأرض مصدر قوة وغنى للكيان كله.

واليوم، ونحن نعيش عهدًا زاهرًا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – تتجدد المسيرة بروح متوثبة وطموح لا يعرف الحدود. فقد رسمت رؤية المملكة 2030 طريقًا واضحًا نحو المستقبل، هدفها بناء اقتصاد متنوع، وتمكين الشباب والمرأة، وتعزيز مكانة المملكة عالميًا في مختلف المجالات. إنها رؤية تقوم على استثمار ثروات الوطن المادية والبشرية، وتحويل التحديات إلى فرص، لتصبح المملكة في مصاف الدول المتقدمة في العلم والمعرفة والاقتصاد والثقافة.

وليس اليوم الوطني مجرد فرصة لاستذكار الماضي، بل هو أيضًا مناسبة لتقدير الحاضر واستشراف المستقبل. ففي كل عام تعلو الأعلام في الشوارع والساحات، وتصدح الأهازيج الوطنية في المدارس والمجالس، ويجتمع الشعب على قلب واحد يعبر عن الحب الصادق للوطن والولاء لقيادته. إنه يوم يذكّر الأجيال بأن الوطن ليس مجرد أرض وحدود، بل هو تاريخ عظيم وهوية جامعة ومسؤولية مشتركة.

إن اليوم الوطني يجسد التلاحم بين القيادة والشعب، ويعبر عن وحدة المصير، ويؤكد أن هذه الأرض الطيبة ماضية بثقة نحو مستقبل أكثر إشراقًا بإذن الله. فالمملكة التي انطلقت من صحراء قاحلة لتصبح اليوم قوة إقليمية وعالمية، قادرة أن تواصل مسيرة التطور والبناء، مستندة إلى إرثها العريق، وإلى طموحات قيادتها، وإلى عزم أبنائها المخلصين. وهكذا يبقى اليوم الوطني رمزًا للوحدة والاعتزاز، وعنوانًا للفخر والعزة، وعهدًا متجددًا بأن تظل المملكة العربية السعودية ورايتها خفاقة بالمجد والعطاء جيلاً بعد جيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى