المقالات

شراكة وطن واقتصاد ينمو

في يومٍ تكتسي فيه الأرض باللون الأخضر، وترتفع راية التوحيد عاليةً تخفق في سماء العز، نجتمع نحن أبناء هذا الوطن على قلبٍ واحد، نحتفل بمسيرة مجد عمرها عقود، ونستحضر تاريخًا كتبته البطولات، وحاضرًا تزينه الإنجازات، ومستقبلًا نصنعه معًا بسواعدنا وعقولنا. اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى عابرة في التقويم، بل هو وعد يتجدد، وعهد وفاء متواصل، ورسالة أمل تمتد من جيل إلى جيل.
الوطن… كلمة من خمسة أحرف تختزل في معناها الأمان والسكينة والانتماء. هو البيت الكبير الذي يجمعنا، وهو الحضن الذي يحمينا، وهو الروح التي تسكن قلوبنا. أن تستيقظ صباحًا مطمئنًا على صوت المؤذن، وأن تخرج إلى عملك في طرقات آمنة، وأن تعود في المساء لتجد أهلك بانتظارك—هذه ليست تفاصيل اعتيادية، بل نعم عظيمة لا يدرك قيمتها إلا من عاش فقدانها.
وعندما ننظر إلى أوضاع كثير من الدول التي تعاني ويلات الحروب والفقر والمجاعات، ندرك كم نحن محظوظون، وكم أن هذه النعم تستحق أن نصونها ونحافظ عليها. فالأمن ليس مجرد غياب الخطر، بل هو حضور الطمأنينة في تفاصيل الحياة، وهو أساس كل نهضة وتطور.
ولأن المملكة العربية السعودية قامت منذ تأسيسها على قيم الأخوة والعطاء، لم تقتصر رسالتها على حدودها الجغرافية، بل امتدت يدها البيضاء إلى أشقائها في أوقات الشدة. ومن أبرز الأمثلة موقفها الثابت والنبيل في الوقوف إلى جانب سوريا ورفع العقوبات عنها، في لحظة كان العالم فيها منقسمًا، وكانت الحاجة إلى صوت الحكمة أكبر من أي وقت مضى. ذلك القرار لم يكن سياسيًا فحسب، بل كان تعبيرًا عن روح التعاضد العربي التي تؤمن بها المملكة، ودليلًا على مكانتها القيادية في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
هذه المواقف ليست جديدة على المملكة، فقد كانت دائمًا حاضرة في الصفوف الأولى لكل جهد إنساني أو مبادرة خيرية تخدم الأمة العربية والإسلامية. إنها سياسة تقوم على مد الجسور لا بناء الحواجز، وعلى جمع الصف لا تفرقة الكلمة. وهذا النهج يعزز صورة الوطن في قلوب مواطنيه وعيون العالم، ويؤكد أن قوتنا لا تكمن فقط في مواردنا أو ثرواتنا، بل في قيمنا ومبادئنا الراسخة.
واليوم، ونحن نحتفل بيومنا الوطني، نحتفل أيضًا بثمرة رؤية المملكة 2030 التي أطلقت شرارة نهضة اقتصادية واجتماعية شاملة. هذه الرؤية لم تترك مجالًا إلا وطرقت أبوابه؛ من تنويع مصادر الدخل الوطني، إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتطوير البنية التحتية، وتحفيز قطاع التقنية والابتكار، وحتى تعزيز السياحة والترفيه. لقد تحولت أحلام الشباب إلى مشاريع واقعية، وفتحت أمامهم فرصًا لم تكن في المتناول من قبل.
في القطاع الصحي، شهدنا توسعًا في المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة، وفي التعليم ارتفعت جودة المناهج وفرص الابتعاث، وفي الاستثمار تضاعفت المشاريع الكبرى التي جعلت المملكة وجهة للمستثمرين من مختلف أنحاء العالم. هذه الإنجازات ليست أرقامًا في تقارير، بل هي حياة أفضل يعيشها المواطن والمقيم على أرض المملكة.
ومع كل هذه الإنجازات، يبقى المواطن السعودي هو محور التنمية وهدفها الأول. شبابنا اليوم هم عماد الحاضر وصناع المستقبل، يعملون في المصانع والمختبرات، يديرون الشركات الناشئة، ويبتكرون الحلول الذكية، ويرفعون اسم الوطن في المحافل الدولية.
في هذا اليوم المبارك، نُجدد العهد لوطننا وقيادتنا بأن نكون أوفياء لرسالته، حريصين على أمنه، ساعين في بنائه، مشاركين في صنع مستقبله. سنحافظ على إرث الآباء والأجداد، ونكتب بأيدينا فصولًا جديدة من قصة المجد السعودي.
هنا السعودية… أرض الأمن والإيمان، وموطن العز والكرامة، وميدان العمل والطموح. هنا وطنٌ يحيا بأمنه، وينمو باقتصاده، ويزدهر بسواعد أبنائه. وكل يوم نعيشه في هذا الوطن هو يوم وطني، وكل إنجاز نحققه هو خطوة نحو قمة جديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى