قبل أيام غيَّب الموت الأخ والصديق أحمد حسن مكي، الذي وإن ارتبطت معرفتي به منذ التسعينات الهجرية، إلا أنني لم أتمكن من حضور العزاء لتواجدي في المنطقة الشرقية.
وحينما أقول الأخ والصديق أحمد مكي، فلا أخاطبه بحكم عملنا في الصحافة؛ حيث عمل هو في صحيفة عكاظ فيما عملتُ أنا في صحيفة الندوة، لكني أقول ذلك لأن علاقتي به قديمة، وكانت بدايتها حينما كان لوالدي – يرحمه الله – دكان في عمائر الأشراف بأجياد، وكان هو في بداية حياته التجارية، حيث عمل من بسطة صغيرة ملاصقة لدكان العم بكر طيب بائع الأقمشة – يرحمه الله – “أستريو” لبيع الأشرطة، وأطلق عليه حينها “أستريو الوفاء”.
وصدق الدكتور عبدالله باشراحيل حينما قال في نعيه للزميل أحمد – يرحمه الله – إنه: «حفر في صخر الحياة الفنية، وعمل بمهنية واقتدار على إعلاء اسم الفن العربي والسعودي، وكان من الرجال العاملين على مرضاة الله، ممتلئًا بالإنسانية الخلّاقة والقلب الكبير، مما أكسبه مكانة وقيمة وتقديرًا بين المثقفين، وذكرًا طيبًا لدى كل من عرفه بأخلاقه الكريمة».
ورغم أنه عاش يتيم الأب، وتكفلت عمته بتربيته هو وابن عمه عبدالإله، إلا أن يتمه لم يكن عائقًا أمامه؛ فقد جعله إنسانًا قبل أن يكون صحفيًا، ومن يعرفه عن قرب يدرك ذلك جيدًا.
أما ما ذكّرني بـ”أستريو الوفاء” وبداية الزميل أحمد مكي فهو وفاء صحيفة مكة الإلكترونية لهذا الزميل والأخ. فلم ينحصر دور الصحيفة في نشر خبر الوفاة كما هو الحال في مثل هذه الأخبار، بل رأيناها تبحث في أرشيفها، وتنقّب في مقالاتها، لتستخرج ما خطه الزميل أحمد مكي – يرحمه الله – من كلمات وما دونه من مقالات، لتؤكد للجميع أن العطاء الجيد المحمّل بالأثر الطيب سيبقى خالدًا حتى بعد وفاة صاحبه.
رحم الله الزميل أحمد مكي، وباقة شكر وتقدير أقدمها لصحيفة مكة الإلكترونية ولرئيس تحريرها الزميل عبدالله الزهراني، التي أكدت مجددًا أن الوفاء ليس كلمات تُدَوَّن، بل عمل يُبرَز






