أحمد حلبي

لماذا حرم المطوفون من حقوقهم المالية ؟

حرصت حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – على تخفيف الآثار المالية والاقتصادية من تداعيات الجائحة على الأفراد والقطاع الخاص، فانطلقت العديد من المبادرات الحكومية، لمواجهة الجائحة والتخفيف من آثارها على المواطنين، ومنذ اللحظات الأولى للجائحة كانت لخادم الحرمين الشريفين وقفات صادقة مع أبنائه وأخوانه المواطنين، وأكد ـ يحفظه الله ـ في كلمته الضافية في رجب الماضي حرصه الشديد “على توفير ما يلزم المواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية”، وجاء أمره ـ يحفظه الله ـ بصرف 9 مليارات ريال تعويضًا لأكثر من 1.2 مليون عامل يعملون في منشآت القطاع الخاص المتأثرة من تداعيات كورونا عبر نظام ساند، وقبل أن يهل شهر رمضان المبارك، جاء أمره الكريم بالموافقة على حزمة من المبادرات الإضافية تمثّلت تخصيص مبلغ 50 مليار ريال، لتعجيل سداد مستحقات القطاع الخاص.
والمتابع لأعمال مؤسسات أرباب الطوائف “المطوفين، الوكلاء، الأدلاء، الزمازمة” يلحظ تأثرهم الواضح بجائحة كورونا، فأعمالها المرتبطة بموسم الحج توقفت نتيجة لإغلاق المطارات وعدم وصول حجاج من خارج المملكة، فانعكس ذلك سلبًا على منتسبيها، الذين هدد بعضهم بالطرد من مساكنهم لعدم قدرتهم على دفع الإيجارات، فيما حرم البعض الآخر من توفير احتياجات أسرهم.
ورغم امتلاك مؤسسات أرباب الطوائف عامة، ومؤسسات الطوافة خاصة لمبالغ احتياطية، و”هي بند من بنود حقوق المساهمين (حقوق الملكية) في قائمة المركز المالي وأيضًا ضمن عناصر قائمة التغير في حقوق المساهمين وفكرة الاحتياطيات هي احتجاز جزء من صافى الربح لمواجهة غرض خاص ومحدد أو لأغراض غير محددة، ويتم تكوين الاحتياطيات بموجب قوانين محددة”، إلا أن منسوبي المؤسسات لم يتمكنوا من الحصول على هذا الحق والاستفادة من المبالغ الاحتياطية لرفض وزارة الحج والعمرة صرفها بحجة أنها تدخل ضمن الرسملة، التي تحول المؤسسات إلى شركات، فهل يبقى المطوفون ومنسوبي مؤسسات أرباب الطوائف يتسولون، وحقوقهم محجوزة من أجل الرسملة ؟
وإن قال المتخصصون إن أهمية الاحتياطيات، هي “تدعيم قوة المركز المالي للشركة بحيث يكون لديها القدرة على مواجهة أحداث طارئة خاصة بالشركة أو بالوضع الاقتصادي بصفة عامة”، فهل أحداث الجائحة لا تنطبق على هذه الحالة ؟
أما إن كانت نظرة الوزارة بأن “الاحتياطيات تعمل على زيادة القيمة الحقيقية للأسهم عن قيمتها الاسمية لأن الاحتياطي الجيد يعزز من قيمة السهم وبالتالي ترتفع قيمته السوقية”، فما جدوى وجود احتياطي وملاكه غير مستفيدين منه ؟
إن “الاحتياطي العام يتم تكوينه باقتراح من مجلس الإدارة، وتتم الموافقة عليه من قبل الجمعية العمومية، وهذه الاحتياطيات تعتبر احتياطيات اختيارية يتم تكوينها برغبة الشركة ولا يجوز التصرف فيها إلا بموافقة الجمعية العمومية”، ومن حق الجمعية العمومية الآن إقرار الصرف دون أي تدخل من قبل الوزارة.

وما يريده المطوفون اليوم ليس دعمًا ماليًّا، كذاك الذي قدمه الملك عبدالعزيز – يرحمه الله – للمطوفين أثناء الحرب العالمية الثانية 1358 – 1365 هـ / 1939 – 1945 م، التي ألقت بظلالها على العالم أجمع والأزمة الاقتصادية العالمية 1348 هـ / 1929 م، “فأمر وزير ماليته عبدالله السليمان باقتراض مبلغ من التجار تحت كفالة وزير المالية للمطوفين يبلغ مقداره 90.000 ريال سعودي، وزعت تحت إشراف وزير المالية وشيخ طائفة المطوفين”،
لكنه حق من حقوقهم المالية المحجوزة بالبنوك، والتي ترفض وزارة الحج والعمرة صرفها دون إبداء سبب قانوني، ويبقى السؤال لماذا ترفض الوزارة الصرف من الاحتياطي لتخفيف آثار الجائحة، هل لأن منسوبيها لم يتأثروا ماديًّا بالجائحة لكونه يتقاضون مرتبات شهرية، ولم يتعرضوا لعمليات طرد من مساكنهم ؟
قال تعالى: (يٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍۢ ۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ).

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. صح لسانك وبارك الله لك ولغيرك من الرجال والله انك اثلجت صدورنا بهذة الكلمات التي كانت محجوزة في قلوبنا ونسأل الله تعالى ثم من مليكنا ثم ولي عهده حفظهم الله ورعاه النظر فيما ذكر .

  2. بارك الله في قلمك فقد لامست حروفك معاناة الكثيرين.. لا أدري سببا لتعنت بعض أصحاب القرار في رفع المعاناة عن الآخرين.. ولاحول ولاقوة الا بالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com