المقالات

الأمير محمد بن سلمان… ضيف واشنطن الكبير

في خضم الحراك السعودي الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، تأتي زيارة سموه للولايات المتحدة الأمريكية لتؤكد — حفظه الله — حرصه على حمل الملفات التي ستُطرح مع الرئيس ترامب خلال ولايته الثانية، وفي مقدمتها تعزيز علاقات الشراكة السعودية–الأمريكية في مرحلة «تأكيد المؤكَّد»، وهو ثبات العلاقات السعودية–الأمريكية العريقة مهما مرّت عليها من فترات فتور، إلا أنها اليوم وبحرص سمو ولي العهد تعود بقوة أكبر من ذي قبل.

ويتساءل المراقبون عن معنى هذا التوقيت، ولماذا يحقق سمو ولي العهد تطلّع الرئيس ترامب لهذه الزيارة. وتجيب المصادر والمحللون أن غالبية الملفات الشرق أوسطية والدولية لا يمكن حلها إلا من خلال دبلوماسية عرّاب رؤية المملكة الأمير محمد بن سلمان — حفظه الله.

ومن أبرز هذه الملفات تأتي أحداث غزة، التي قال عنها سموه: «نريد سلامًا لإسرائيل والفلسطينيين والمنطقة بأسرها». حيث تصاعدت العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية وتوتر العلاقات مع الفلسطينيين، مع تزايد الضغط الدولي على إسرائيل لوقف العمليات واحترام القانون الدولي وحماية المدنيين.

كما أدّت الحرب إلى تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في غزة، مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي. ولم تقتصر التداعيات على القطاع وحده، بل طالت اقتصادات المنطقة، بما في ذلك تراجع السياحة وتأثر التجارة والاستثمارات، فيما ظلت المفاوضات السياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين متعثرة، مع استمرار الخلافات حول حل الدولتين والمسائل الأمنية.

ويترقب العالم من زيارة سمو ولي العهد حلولًا جادة لهذا التعنّت الإسرائيلي، الذي يقابله موقف سعودي حازم مفاده: لا سلام في المنطقة إلا بحل الدولتين، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، وتنفيذ المبادرة العربية التي تشكّل الأساس لحل النزاع في الشرق الأوسط. وفي الوقت ذاته يدعو الاتحاد الأوروبي إلى وقف التصعيد وإيجاد حل دائم للصراع مع التأكيد على احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.

ومن بين الملفات الدولية كذلك يأتي الملف الروسي–الأوكراني، الذي ربما يشكّل أحد أبرز القضايا التي تحتاج إلى رؤية قوية من البلدين الصديقين، خصوصًا أن المملكة دائمًا ما تقف إلى جانب السلام والاستقرار الدوليين ونبذ الصراعات التي أودت بحياة الأبرياء. وكذلك الملف السوداني وغيره من القضايا التي يتطلع العالم إلى حلولها من خلال لقاء سمو ولي العهد والرئيس ترامب.

وعلى الصعيد الاقتصادي، ستشهد الزيارة حراكًا كبيرًا، حيث يُعقد المنتدى السعودي–الأمريكي في واشنطن وسط رغبة مشتركة في تعزيز استقرار الاقتصاد العالمي. وهناك اتفاقيات ومذكرات تفاهم يعكف عليها السعوديون مع نظرائهم في الولايات المتحدة. وقد قال سمو ولي العهد السعودي في المؤتمر الصحفي مع الرئيس ترامب:
«سنستثمر في مجالات الحوسبة والرقائق وأشباه الموصلات… والتعاون مع أمريكا يستحدث فرصًا حقيقية في الذكاء الاصطناعي»، وغيرها من المجالات، بما يمهّد لسوقٍ كبير بين البلدين الصديقين.

د. سليمان العيدي

كاتب صحفي ومقدم برامج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى