لا يقل عدد سكان مكة المكرمة – زادها الله شرفًا – عن المليونين ونصف نسمة. يُعاني معظمهم إن لم يكن كلهم من النقص الحاد في الرعاية الصحية بسبب قلة عدد المستشفيات، تباعد المواعيد، ضعف الإمكانيات إلا في عدد قليل من المستشفيات، الإهمال والتهاون بل وسوء المعاملة، وعيوب أخرى كثيرة لا يكاد يختلف اثنان على وجودها .
أكتب مقالتي هذه على ضوء تجربة حدثت لي قريبًا وأخرى متداولة توفيت صاحبتها – رحمها الله – بسبب إهمال طبي بحسب زعم زوجها ومن يتبنون قضيتها، ولعل الله ينتصر للحق ويعليه.
قبل أن أسرد تجربتي الأخيرة يُحسن أن أشير إلى أنه لا توجد مستشفيات حكومية معنية بالولادة إلا في مستشفى النساء والولادة ومستشفى حراء – حسب ما سألت وأُخبرت -. فقط مستشفيتان اثنتان تخدمان كل نساء مكة من مقيميها وزائريها من الحاجات والمعتمرات . عودًا إلى تجربتي، أصيبت زوجتي بآلام وهي في شهرها السابع من الحمل فتوجهت بها لإحدى المستشفيات الخاصة الشهيرة بحي العزيزية لكون طبيبتها تعمل جزئيًّا بها. منذ الوصول، طُلب مني دفع مبلغ ٨٠٠٠ ريال على الحساب تحسبًا من ولادة مبكرة. حين طلبت غرفة خاصة قيل لي إن المتوفر إما الجناح الملكي – زعموا – أو غرفة مشتركة بها خمسة رجال وأربع سيدات لكن بوجود ستارات ساترة . قبلت الجناح الملكي الذي ليس له من اسمه أي نصيب فهو جناح كان ملكيًّا قبل عشرة سنوات وأكثر فأبوابه مكسرة وكل مافيه قديم متهالك . اتصلت طبيبة زوجتي من قبل وصولنا بالطبيبة المناوبة، ووجهتها لعمل تحاليل معينة على ضوئها طلبت منها إعطائها إبرًا وأدوية ومحاليل محددة. وصلت الطبيبة وانقضت مدة لنفاجأ جميعا بعدم توفر الإبر والأدوية وعدم توفر الحضّانة. عند ذلك أشارت علي الطبيبة – آجرها الله ورحم والديها وكثر من أمثالها – أن أُخرج زوجتي من تلك المقبرة – المستشفى زعما – وأشارت علي بمستشفى الولادة ففعلت – والحمد لله أنني فعلت – . كان الاستقبال والتفاعل في مستشفى الولادة سريعًا ممتازًا وولدت زوجتي بفضل الله تعالى ومازال ابني في مستشفى الأطفال في حضاناتها التي هي بحق مفخرة في جدتها ونظافتها وتنظيمها . المستشفى بها إمكانات مادية وبشرية تفوق الوصف. كل ما فيها متميز إلا شيئًا واحدًا هو الذي منعني ابتداء من التوجه إليها مع كونها تبعد عن بيتي ٥ دقائق. ذلكم هو سوء تعامل أطقم التمريض بصفة عامة إلا القليل النادر الذي لا يحتسب. خلال العشرين يومًا الماضية، لم أجد من الأطباء والإداريين إلا أفضل التعامل وأرقاه، في المقابل فإن الممرضات وموظفات محطات الأدوار سيئات التعامل متكاسلات تراهن ممسكات بهواتفهن طوال الوقت ولا يرغبن بعمل أي شيء.
أتمنى من إدارة المستشفى إعادة تأهيلهن وإبقاء الراغبات في العمل بجد فقط؛ ليكمُل الزين وتكون مستشفى النساء والولادة مفخرة لمكة وأهلها ولمن يرتادها .
ختامًا .. ألا تستحق مكة أن تقام فيها عدد من المستشفيات الحكومية الكبيرة لتجويد الخدمة وتخفيف الضغط على المستشفيات القائمة ومراجعيها ؟ لماذا لا يُستفاد من مستشفيات المشاعر التي لا تعمل إلا أيامًا معدودة في العام ؟ أين وزارة الصحة من المستشفيات الخاصة في مكة أم أن أسماء مالكيها أوجبت لها الحصانة ؟ لماذا لا توجد في مكة مستشفيات خاصة على مستوى راقٍ كما هو موجود في جدة مما أضطر الناس للمراجعة بها ؟ أين تجار مكة الذين اغتنوا من خيراتها ؟ متى يردون جزء من الجميل بإنشاء مستشفا يليق بمكة وأهلها ؟
صادق رضا السنوسي


الحمد لله على سلامة وصول رضا أولاً وربي يتنم له الصحة والسلامة ويخرج لأحضان والديه .. أما قضية الصحة فأكبر مما أشرت يا حبيبنا وهو غيض من فيض !