جدارية شاعر

اللحظاتُ الاخيرة ..

أقولُ وقد مات المريضُ؛ فأَوشَكَتْ
دموعُ عُيوني أن تَبُلَّ المآقيا

لَعَلَّ بها خيراً كثيراً، وربما
تسوقُ لَنا بعضُ المنايا الأمانيا

يقولون لي: ماللطبيبِ مشاعرٌ
وَلَيْسَ بِأرواحِ الأنامِ مباليا

يَشُقُّ بُطُونَ الناسِ حتىٰ كأَنَّهُ
يَشُقُّ قماشاً بين كَفَّيهِ باليا!

فقلتُ لهمْ: بلْ خَدّروني، وبعدها
خُذوا مشرطي مِنِّي، وشُقُّوا فُؤاديا

فلن تجدوا إلا فُؤاداً مُسَالماً
صبوراً علىٰ البلوىٰ، من الحقدِ خاليا

فتحتُ بطونَ العَالَمِينَ، وإنَّما
يكونُ بقَدرِ الاحتياجِ التداويا

وكنتُ قُبَيلَ الفجرِ في النومِ غارقاً
فلما دعوتوني؛ أجَبتُ المُناديا

أتيتُ إليكُمْ مُنقِذاً، لستُ قاتلاً
وعندَ حضورِ الموتِ ماذا عسانيا؟!

وقد غابَ(رسمُ القلبِ)،و(الضَغْطُ)هابِطٌ
ولَم يستمرّْ (النَّبْضُ)إلا ثوانيا!

فإن تطلبوا ثأرَ المريضِ، فإنني
لكلِّ مريضٍ قد وهَبتُ حياتيا

وإن تتركوني، فالجراحةُ مهنتي
دفَنْتُ بها عمري وذبتُ تفانيا

وعدتُ إلىٰ الركنِ الكئيب مُتَمْتِماً
أقولُ لِمَن حولي: دعوني و شأنيا

أرىٰ طفلةً بينَ الجُموعِ حزينةً
تُشيرُ بكفَّيها، وتمشي ورائيا

تسائلني: دكتورُ! هل ماتَ والدي؟
فقلتُ: وهل ثَمّّ سوىٰ اللهِ باقيا؟

فقالت: ومَن لي غيرَهُ بعدَ فقدِه ؟
وقد كان لي حِصْناً مَنيعاً وحاميا!

فقلتُ لها: لا تجزعي، وتَصَبَّري
أبوكِ أنا، بل أنتِ إحدىٰ بناتيا

فقالت: إذن صبرٌ جميلٌ، وربما
تسوقُ لَنا بعضُ المنايا الأمانيا

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. أحياناً لانجد التعليق الشافي والكافي لما في صدورنا حيال نبضٍ هز مشاعرنا صياغة وروعة وجمال
    جميلاً انت دكتورنا الغالي سر وعين الله ترعاك لخدمة دينك ووطنك .. صح السانك والله يحفظك?

  2. تحية من الاعماق لكل طبيب فانتم ملائكة الرحمة
    انا اريد وانت تريد والله يفعل مايريد الاعمار بيد الله
    بوركت وجزاكم الله خيراً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com