
الباحة – تغرَّب عن قريته ثم عن منطقته من أجل طلب العلم، رغم صغر سنه، وضعف الإمكانات ووسائل النقل التي تُعينه على تنقلاته في ذلك الوقت إلا أنه بإصراره وعزيمته استطاع التغلب على تلك الظروف؛ حتى حصل على رتبة ملازم بِجد واجتهاد، تدرج في الرتب العسكرية والمناصب الإدارية حتى أصبح قائدًا أمنيًا ثم مستشارًا، إنه اللواء المتقاعد مسفر بن سفير الخثعمي مستشار معالي مدير الأمن العام سابقًا ضيف الحلقة السابعة من سلسلة زاوية مواقف ومذكرات أمنية.
أهلًا ومرحبًا فيك سعادة اللواء…
– عرّف القراء الكرام على اسمك الكامل من خلال هويتك الوطنية، ومكان ولادتك ونشأتك وحياة الطفولة؟
مسفر سفير مسفر آل محمد الخثعمي من مواليد ١٣٨١ هجرية بقرية الجهوم ببلاد خثعم التابعة لمركز البشاير التابع لمنطقة عسير.
– أين تلقيت تعليمك في جميع مراحلك الدراسية؟
تلقيت تعليمي الابتدائي بمدرسة خثعم الابتدائية التي تأسست عام ١٣٨١هـ ثم التحقت بمتوسطة غامد ببلجرشي التي تبعد عن قريتي ٥٥ كيلومترًا؛ كونها أقرب متوسطة لنا آنذاك، وحصلت على شهادة الكفاءة المتوسطة منها ثم انتقلت إلى محافظة الخرج، وواصلت دراستي بثانوية الخرج ثم التحقت بكلية الملك فهد الأمنية لمدة ثلاث سنوات، وحصلت على شهادة البكالوريوس في العلوم الأمنية بتقدير ممتاز، وكان ترتيبي الخامس على الدورة البالغ عددهم ٥٢٠ طالبًا، وعينت برتبة ملازم بشرطة منطقة الباحة عام ١٤٠٤هجرية.
– لماذا اتجهت للسلك العسكري دون غيره؟
اتجهت للسلك العسكري دون غيره نظرًا لرغبتي الشديدة بأن أكون رجل أمن في خدمة الدين والمليك والوطن ومحافظًا على أمن هذا الوطن ومكتسباته.
– أين قضيت خدمتك العسكرية من بعد تخرجك من الكلية حتى تقاعدك؟
عُينت بشرطة منطقة الباحة ضابط تحقيق ثم مديرًا لإدارة الضبط الجنائي ثم مساعدًا لمدير شرطة منطقة الباحة لشئون الأمن ثم مديرًا لشرطة منطقة الباحة ثم مستشارًا لمعالي مدير الأمن العام إلى أن تم إحالتي للتقاعد.
– عملت كضابط تحقيق ثم مديرًا الضبط الجنائي ثم مساعدًا للأمن الجنائي ثم مديرَا للشرطة ماذا تعني لك هذه المراحل، وما الذي اكتسبته من كل مرحلة؟
تعني لي الشيء الكثير في حياتي العملية، وأنا فخور بذلك، وهذا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ثم بسبب اجتهادي وحرصي على عملي ورضاء رؤسائي عني، وقد اكتسبت خلال فترة عملي أولًا الأجر والثواب -إن شاء الله- فقد جاء في الحديث بأن من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل، كما اكتسبت الكثير من التجارب والصفات التي يجب أن يتحلى بها رجل الأمن.
– اتصف عملك بالجنائي البحث ماذا يعني العمل الجنائي الذي زاولته طيلة فترة عملك؟
العمل الجنائي بجهاز الشرطة يعني الكثير من الأمور أهمها تحقيق العدالة الجنائية، وإحقاق الحق ونصرة المظلوم من الظالم؛ لأن محقق الشرطة آنذاك كان يقوم بدور محقق النيابة العامة حاليًا.
– اتصف اللواء مسفر سفير من بداياته العملية بسرعة البديهة وشدة الملاحظة في التعامل مع القضايا الجنائية، وكشف غموضها، ونزع الاعترافات من مرتكبيها هل هذه الصفات موهبة أو مكتسبة؟
هذه الصفات مشتركة منها ما هو موهبة، ومنها ما هو مكتسب ومحقق الشرطة لابد أن يتميز بهذه الصفات لكي ينجح في مجال عمله.
– ذكرت في إجابتك السابقة أن فيه صفات موهبة وصفات مكتسبة، من هو الشخص الذي اكتسب منه اللواء مسفر هذه الصفات؟
في الدرجة الأولى من رؤسائي الذين كنت أخذ توجيهاتهم، وكل من عملت معه من الزملاء ممن سبقوني في هذا المجال.
– يُصادف ضابط التحقيق بعض القضايا المعقدة التي تحتاج إلى جهد وتفكير عميق في فك رموزها ما هي القضية التي لا زالت عالقة في ذاكرة اللواء مسفر؟
هناك الكثير من القضايا المعقدة التي تمكنا بتوفيق من الله من فك غموضها لا أستطيع أن أذكرها في هذا اللقاء محافظة على أعراض الناس وحرياتهم الشخصية، ولكن هناك قضية لا زالت عالقة في ذهني، وليست أهم من غيرها من القضايا التي تم كشف غموضها، وهي أن أحد الوافدين من الجنسية الآسيوية قام بقتل زميله أثناء عملهما لوحدهما في بناء أحد العمائر بسبب خلاف حصل بينهما، وبعد ذلك أبلغ أحد المارة بأن زميله سقط من فوق الجدار الذي يقومان ببنائه، فتم إبلاغ الهلال الأحمر، وعندما حضر للموقع اعتذر عن نقل المجني عليه؛ لأنه متوفي حسب التعليمات فتم إبلاغ الشرطة، وتم الانتقال وعند الوصول للموقع ذكر الوافد بأن زميله سقط من فوق الجدار، ومثّل لنا كيفية سقوطه، وكادت القضية تتحول إلى حادث عرضي حسب زعم القاتل إلا أن شدة الملاحظة والدقة في معاينة مسرح الحادث، كان لها الدور الرئيسي في كشف غموض القضية؛ حيث شوهدت أثناء المعاينة قطرات دم بسيطة في أعلى الجدار الذي كان يقف عليه القتيل، ويقوم ببنائه قبل الاعتداء عليه اتجاه تلك القطرات من أعلى لأسفل، استنتجنا منها بأن المجني عليه سقط من أعلى الجدار، وهو مصاب بالإضافة إلى أن طبيعة الإصابات لا تتوافق مع مزاعم الجاني حول كيفية السقوط، وعند مواجهته بذلك عدل عن ادعائه، واعترف بضرب زميله بالكريك على رأسه بشدة؛ مما أدى إلى سقوطه أسفل المبنى، وبعد ذلك أجهز عليه بالضرب، وبعد أن تأكد أنه فارق الحياة، أبلغ أحد المارة، وأدعى أن زميله سقط ثم أبلغ الهلال الأحمر، وحضر وبعد ذلك حضرت الشرطة. وهذه القضية واحدة من عدة قضايا تم كشف غموضها.
– من خلال عملكم الأمني لا بد من مصادفة بعض المواقف ما هي أبرز المواقف التي لا زالت عالقة في الأذهان؟
كثيرة لا يتسع المقام لذكرها منها مقاومة كثير من المطلوبين لرجال الأمن، وعدم تسليم أنفسهم، واعتصام البعض والتهديد بالانتحار في حالة الاقتراب منهم أو محاولة القبض عليهم، وكل حالة لها ظروفها الخاصة، ويتم التعامل معها حسب معطيات كل حالة.
– من خلال مسيرتك العملية لا بد وأن نلت شرف المشاركة في مهمة الحج..اذكر لنا أبرز ما يُصادفه رجال الأمن من مواقف في مثل هذه المواسم؟
شاركت عدة مرات في أعمال الحج وأبرز ما يصادف رجال الأمن في مواسم الحج من صعوبة هو التعامل مع الحجاج الناطقين بغير اللغة العربية، وكذلك ظاهرة الافتراش من قبل الحجاج المتسللين غير المرتبطين بحملات الحج.
– كيف يرى اللواء مسفر الإمكانات التي تقدمها الدولة -أيدها الله- في ذلك الوقت أي وقت مشاركاتك في مواسم الحج ووقتنا الحاضر؟
تقوم الدولة -أيدها الله- بتسخير كافة إمكانياتها كل عام لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وبإشراف مباشر ومتابعة ميدانية من قبل قادة هذه البلاد -حفظهم الله- وقد أشادت الدول الإسلامية، والعالمية بالخدمات التي تقدمها المملكة للحجاج.
– ماذا تعلمت من السنوات الطويلة التي قضيتها في مجال العمل الأمني؟
تعلمت من سنوات خدمتي في المجال الأمني بأن الإخلاص في العمل أمانة أوجبها علينا ديننا الحنيف، وأن من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل.
– بماذا خرج اللواء مسفر من خدمته العسكرية التي تجاوزت (٣٥) عامًا؟
بعد ٣٥ عامًا من الخدمة في جهاز الشرطة، خرجت بالرضا التام عن ما قدمته من إخلاص في خدمة ديني ومليكي ووطني.
– عملت نهاية خدمتك العسكرية مديرًا لشرطة منطقة الباحة ماذا تعني هذه الفترة؟
تعييني مديرًا لشرطة منطقة الباحة يعني لي الكثير؛ فقد كان ذلك بتوفيق من الله أولًا ثم بالثقة التي أوليتها من قبل المسؤولين، وأنا فخور بذلك.
– بعد أن كنت زميلًا للكثير من الضباط والأفراد والموظفين بشرطة الباحة ثم تعينت مديرًا عليهم ألم تجد صعوبة في تعاملك مع زملائك السابقين أو تصادف حرجًا في عدم تلبية بعض مطالبهم؟
لم أجد أي صعوبة أو حرج في التعامل مع زملائي سواء من ضباط أو أفراد أو موظفين بسبب أنني تعايشت معهم طيلة حياتي العملية، بل على العكس كان ذلك من عوامل نجاحي في إدارة الشرطة؛ لأنني أعرف كل العاملين وأتعامل معهم على أساس علاقة العمل، وليس على أساس العلاقات الشخصية وكانوا يقدرون ذلك. وتلبية طلباتهم تتم وفق النظام بغض النظر عن المحسوبيات والعلاقات الخاصة، وهذا الأسلوب أبطل النظرية التي تقول: (من عرفني صغيرًا احتقرني كبيرًا)، وأثبت العكس (من عرفني صغيرًا احترمني كبيرًا).
– ماذا يقول اللواء مسفر الخثعمي عن النقد الإعلامي الهادف البنّاء الذي من خلال يتم إصلاح القصور فيما يقدم للوطن والمواطن من خدمات؟
النقد الإعلامي الهادف مطلوب إذا لم يوظف، ويستغل لأغراض أخرى لا تخدم مصلحة البلد.
– بعد أن حلقت بنا في أجواء العمل الأمني كيف تقضي برنامجك اليومي بعد مسيرة (٣٥) عامًا من العطا
أقضي وقتى في المحافظة على الصلوات مع الجماعة في المسجد، وتلمس احتياجات أفراد أسرتي، وتلبيتها لهم مثل الرحلات والتنزه، والتي طالما حرموا منها وأنا على رأس العمل، وكذلك تخصيص أوقات لممارسة رياضة المشي والسباحة، والالتقاء بالزملاء.
بماذا تريد أن تختم هذا اللقاء؟
وفي الختام أشكركم حسن الصغير على إتاحة هذه الفرصة لي لإلقاء الضوء على بعض استفساراتكم.
وأسأل الله العلي القدير أن يُديم على بلادنا نعمة الأمن والاستقرار، وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وحكومتنا الرشيدة، وأن ينصر جنودنا المرابطين على الحدود، وأن يوفق رجال الأمن القائمين على أمن هذا البلد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تصحيح خثعم مركز تابعه لمحافظة بالقرن وليس للبشائر
ماشاءالله تبارك الله ونعم القائد
والله ونعم والف نعم بهذا الرجل الشريف والقدوة الحسنة ( وياليت اللي ينشر اي شي كان يتاكد من صحة ودقة الخبر قبل نشره ( فهو من بلاد خثعم العريقة ومركز خثعم ليس البشائر )
نعم القائد ابومساعد