عبدالله غريب

” ناصية صادقة ” لتكريم الرموز قبل موتهم !

اختار عامل المعرفة الصديق الدكتور احمد العرفج كلمة ” ناصية ” لبعض ما يطرح من أفكار ذات معان واسعة يمكن تطبيقها على أكثر من مقام وهي عبارة عن فكرة تضم عبارات قصيرة لكنها ذات بعد شمولي في حياة الإنسان وهي تعبر عن وجهة نظر محترمة تحتاج للوقوف عندها لسبر أغوارها ومعرفة مدخلاتها ومخرجاتها ويمكن تقييم كل ناصية بحسب ما يراه القارئ الحصيف وليس بالضرورة يمكن تطبيقها لكنها حتما ستدعم ذاكرة المستهدف بها ليصل إلى الإيمان بأن الهدف منها خدمة الإنسان واختصار ما قد يطول ويتأخر عن وقته بلا فائدة أو تصحيح انحراف خلقته الظروف التي نعيشها أما باجترار ماض تولى ولم يعد لأفكاره مجال للتطبيق في حياتنا اليوم أو ربما تعزيز فكرة قد يكون لها الأثر الأجمل في حياتنا من خلال تعاملاتنا سواء مع أنفسنا أو مع من نعيش معهم أو قرأنا وسمعنا عنهم ممن افتقدناهم بالموت .

عامل المعرفة له متابعون كثر ولعل صداقتي معه ومعرفتي به قبل قرابة ثلاثة عقود وأنا محرر وكاتب ومدير مكتب جريدة الندوة بالباحة ولدماثة خلقه وتواضعه جعلتني أحتفظ بصداقتي معه وإلم نجلس كثيرا مع بعض بحكم دينماكية الحياة ولأنه لا يضن علي بما يكتب وينشر بالكلمة والفيديو والتواصل عبر قنوات التواصل وبالذات الواتس من أي بقعة وكثيرة هي البقع التي يزورها على مستوى الكرة الأرضية كعامل وباحث عن المعرفة فقد وصلني منه ناصية سأنقلها لكم كما هي ثم نعلق عليها إذ قال عامل المعرفة الدكتور العرفج :

أرجو أن نعلن الحب لأساتذتنا وأحبابنا وأصحابنا وأن نكتب عنهم وهم يعيشون بينن .. هذا أجمل وأكمل وأعدل من البكاء عليهم والكتابة عنهم بعد موتهم .. وأختتمها ببيت شعر للشاعر ” عبيد بن البرص ” حيث يقول : لأعرفنك بعد الموت تندبيني …..وفي حياتي ما زودتني زادي # قاله العرفج # انتهى .
طبعا كلمة ناصية التي اختارها عامل المعرفة كلمة ربما لها علاقة كبيرة بناصية الإنسان التي تقع خلف الجبهة مباشرة حيث أثبت العلماء أنها مسؤولة عن التحليل والتخطيط واتخاذ القرارات وكل ما يعرف تحت تعريف الذكاء وهذا ليس مجال للبحث فقد وصل الشيخ عبد المجيد الزنداني – يرحمه الله – في كتاب ” وغدا عصر الإيمان ” أن معلومات يمكن الرجوع لها لمن يريد الاستزادة عن الناصية ودورها في حياتنا ولكن سأعود لناصية العرفج وهي مدار النقاش والتعليق .

عامل المعرفة يشير إلى موضوع هام يكمن في عادة تكريم الأموات بعد أن نفقدهم في الوقت الذي كان بإمكاننا تكريمهم وهم أحياء لو أحسنّا الظن والنية بهم ونحوهم وقد لا يكون الموضوع جديدا بقدر ما هو تأكيدا لنهج ينتهجه المجتمع سواء القريبون من هؤلاء الرموز بحكم العمل أو الأقارب أو مؤسسات المجتمع المدني حيث تجد بعض هؤلاء الرموز محارب في حياته من أقرانه وممن حوله في مجال العمل لانضباطه وربما غيرة منه أو من باب الحسد لنجاحه أو لأسباب أخرى ولو فكر أحد في تكريمه وطرح فكرته أمام من بيده الصلاحية لوجد الأبواب مؤصدة ولوجدهم يخلقون الأعذار لإيقاف هذا الواجب المستحق وربما يقولون بدري عليه وعلينا ثم يأخذهم التسويف وتمديد الوقت حتى يتفاجأ الكل بموته أو بمرضه وعدم قدرته على مواصلة العمل حتى يأتيه الموت وربما البعض يشح عليه بزيارة في مرقده على السرير الأبيض أو في بيته بعدما رأوا أن الصلاحيات انتهت وأن البوصلة تتجه نحو غيره وكأنه سباق التتابع بين السابق واللاحق ! وهنا أتساءل ولعلكم تتفقون معي بأننا تقاعسنا عن كثير من رموز العمل والأدب والثقافة والإدارة وقل ما شئت مثلهم وفي قاماتهم والسؤال : ما الذي منعنا أن نكرمهم وهم على رأس العمل في أوج نجاحهم وعطائهم ؟ فنقوم بتكريمهم بعد عجزهم أو موتهم عن طريق أبنائهم أو أقاربهم أو زملائهم !؟؟

تخيلوا معي سن التقاعد بعد بلوغ الستين والبعض من هؤلاء الرموز يعيش بعد هذا السن ما شاء الله أن يعيش ربما عشرات السنين ويبقى هذا الشخص الذي ساهم مساهمات فاعلة في خدمة دينه ووطنه وقادته وخدمة مجتمعه ربما أربعة عقود أو أكثر ثم يترجل عن العمل ويخرج إلى بيته دونما تقدير لما قدم ماذا ستكون ردة الفعل عنده وعند أسرته وإن حصل تكريم فتجده على استحياء من زملائه ربما الذين كانوا يعملون تحت إدارته في قسما ما أو ما شابه ذلك ويبقى سنوات ممتدة ثم يموت فيبدأ بعض المخلصين التفكير وشحذ الهمم لتكريمه بدعوة أحد أقاربه وتقديم درع قد لا تصل قيمته لقيمة نصف ذبيحة أو ذبيحة مكفنة من أقرب ثلاجة لحوم وقد تكون هي ختام الحفل يتداعى لها القوم بعد حفل قد يشتمل على كلمات منمقة وقصائد بالفصحى والشعبي والعملية برمتها أتت في خارج حتى الوقت الضائع !!

كلنا نعرف رموزا رحلوا عنا بصمت بعد أن أنهكهم المرض وانتهى بموتهم ثم بدأنا نتذكر ما قدموا ونرثيهم بقصائد ومقالات وفي أضيق الحوال نفكر في تكريمهم في حفل عام ليس لهم فيه لا ناقة ولا جمل ولم نطيب خواطرهم ونفوسهم ونرد لهم ولو جزءا من جميل ما قدموا وهم على رأس العمل والأسوأ أن يكون هذا بسبب شخصي أو تهاونا فيما نعلم بان التكريم جزءا من التحفيز وأيقونة للجودة وأن كل منا يطربه الثناء وبالذات عندما نكسر حواجز العطاء ونقدم ما فيه خير المكان والزمان والإنسان في الوقت الذي لا نجد صدى لهذا العطاء والبعض يعلل هذا بأنه لم يقم بغير الواجب تلك العبارة التي تساوى فيها المجتهد والمتقاعس عند من لا يقدر جهد الآخرين لأنه لم يصل لدرجتهم ودرجة الثقة التي نالها بجهده وعلمه وعلاقاته لصالح العمل وليس لمصالحه الشخصية .

أتمنى أن نجد لناصية العرفج صدى فنفكر في تكريم الرموز قبل رحيلهم ولا يكون تكريمهم عبر من بعدهم بالوكالة وكل الذي فوق التراب تراب .

انعطاف قلم :

” اذكروا محاسن موتاكم وكفّوا عن مساويهم ” البعض يعتبره حديثا فيستظل به لتكريم الأموات وهو حسب العلماء ليس من الحديث ولم تثبت صحته لكنه من أقوال العامة وبهذا نرجو تكريم الرموز نظير ما قدموا وهم أحياء وإذا ما ماتوا فوفروا على أنفسكم وعلى جيوبكم وبطونكم ما يصاحب ذلك التكريم من فعاليات لم يعد لهم فيها شأن !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com