المقالات

هل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مصادر للغزو، ومراجع للتخلف الفكري والثقافي؟

احترت في اختيار العنوان المناسب، ولعله يكون مناسبًا لما يجول في فكري من تعبير يوضح ما أشعر به من قلق تجاه تأثير وسائل التواصل الاجتماعي السلبية على مُخرجات الحياة الفكرية والثقافية في الحاضر والمستقبل في ظل غياب وضعف وسائل التوعية والتثقيف واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة والضرورية لمعالجة سلبية هذه المشكلة، فوسائل التواصل الاجتماعي بتطبيقاتها المختلفة أصبحت محطات جذب واهتمام يصل لدرجة الإدمان لدى الكثيرين. وبالرغم من أهميتها في الحياة، وما تقدمه من منافع وفوائد مختلفة ومالها من جانب مضيء ومشرق في نشر العلم والثقافة والفنون والتسوق، وما تقدمه من رفاهية ومن خدمات تختصر، وتوفر الوقت والجهد والمال إلا أنها قد تكون مصادر غزو موجهة ومعول هدم للقيم والمبادئ الفكرية والثقافية والسلوكية عند (إساءة استخدامها)؛ حيث تطغى وتتفوق على بعضها البعض حسب المحرك الموضوعي والنوعي لها، ويأتي على رأسها تطبيق الواتساب الذي تجتمع من خلاله روابط باقي التطبيقات الأخرى؛ فهذا التطبيق في نظري هو الجامعة للفرد والأسرة والمجتمع، ويضم كليات ومعاهد ومدارس التيك توك والسناب والفيس بوك وتويتر وإنستغرام وغيرها من التطبيقات الأخرى لجميع مواد التقدم والتحضر والتخلف الفكري والثقافي؛ فالإقبال على مواد وبرامج التخلف والفوضى والعشوائية أكثر وأعمق؛ وخاصة من خلال ما يسمى بالقروبات أو المجموعات تحت مسميات مختلفة مثل: (ملتقى، منتدى، نادي، قروب) يجتمع فيه الصالح والطالح من الرجال والنساء من الكبار والشباب مُثقفين ومُتثيقفين وجهلة مُثقفين يحضرون في هذه الجامعة بصفة مزدوجة تارة كمُعلمين وتارة كطلاب بحصص ومواد مفتوحة دون قيود ذاتية يرتفع معها مؤشر العرض والطلب كسوق الأسهم والرابح فيه أسهم المواضيع والمواد التافهة والساقطة، وعشوائية الأفكار والسلوكيات المنحطة؛ لتتخرج منه كل يوم دُفعات مختلفة من العقول المدمجة المشبعة بمختلف أنواع التخلف والتلوث الفكري الثقافي الرجعي.
فمن خلاله يتعلَّم، ويكتسب البعض ثقافات فكرية وسلوكية سلبية في مقدمتها:-
أولًا- ثقافة هدر الوقت حيث يمضي الوقت سلبيًا في مشاهدة مواد مرئية أو مسموعة مما هب ودب من أخبار الحروب والكوارث، وما يتم اقتطاعه واجتزاؤه من بعض الافلام والمسلسلات والموسيقى للتشويش والتلوث الفكري من مشاهد العنف والسطو والسلب والقتل والاعتداء والتحرش، ومن مشاهد الإغراء والإثارة؛ خاصة في مقاطع الموسيقى الغنائية التي تُستخدم فيها المرأة تلك النعمة، وذلك المخلوق البشري العظيم بطريقة مبتذلة تجعل منها سلعة رخيصة لجذب المزيد من أعداد المشاهد ولإثارة غرائزة ولتدمير سلوكياته، وهذا الوقت قد يكون على حساب المسؤوليات والمهام والواجبات الخاصة والعامة مثل: الدراسة والعمل الأمر الذي يؤثر على أسباب التقدم والحضارة.

ثانيًا: ثقافة الاتكال والاعتماد على النسخ واللزق لأنواع مختلفة من المواضيع المُستهلكة والمكررة والمهترئة، والتي لا تُضيف أي فائدة فكرية أو ثقافية بل تؤدي إلى تعطيل أسباب الابتكار والتأليف، وتُشجع وتحفز على مصادرة حقوق الآخرين بالسرقة الأدبية.

ثالثًا: ثقافة رسائل الطقطقة والسخرية والاستهزاء، والتي ينشط رواجها في بعض المناسبات؛ وخاصة الرياضية فتخرج لنا مفردات مختلفة تختلط فيها اللهجات، وتتنوع المعاني والمقاصد من فنون اللهمز واللمز والتنابز بالألقاب بما يُثير العداوة والبغضاء التي تتوسع بين مؤيد، ومعارض، ومحايد، لا تخلو من نشوب اختلاف فكري تُستخدم فيه أسلحة مختلفة من وابل الكلمات والمعاني من السب والشتم؛ لتنتهي بالقطيعة بين طرفين أو أكثر ثم تبدأ بعد ذلك ثقافة الحرب الباردة باستخدام ما يشفي صدورهم في بعضهم البعض بتوظيف آيات القرآن والأحاديث والأشعار والحكم بمختلف الوسائل المكتوبة والمسموعة والمرئية، يستنبط لحن القول منها من يشترك فيها ومن يفهم استنباط تلك الألحان السيئة التي أقحمت قدسية القرآن والأحاديث النبوية في تلك الحروب فهذا يكتب (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) وذاك يكتب (آية المنافق ثلاث) وتلك تكتب (جمال بلا حياء وردة بلا عطر) وكلٌّ يلحن ويغني عَلى ليلاه بما يشفي صدره في الآخر، والجمهور على مقاعد الدراسة خلف الشاشات يتلقفون ذلك، ويترسخ في عقولهم الباطنة لاستخدامها بالمثل عند الحاجة مستقبلًا، وهناك الكثير والكثير من الاستخدامات السلبية لمواقع التواصل والتطبيقات ما علمنا منها ومالم نعلم وما لا يخطر لنا على البال، وما لا يُصدق وخاصة من فئة الشباب الذين هم عماد المستقبل وحماة الأوطان.

وإنني إذ أضع مساوئ وتبعات هذا الأمر مُستقبلًا تحت أنظار كل من يهمه الأمر، وكل من يحمل هم المسؤولية المجتمعية من أجل التحقق ودراسة هذا الأمر من جهات ومراكز مختصة واستشارية في البحوث والدراسات من أصحاب الشأن للوقوف على حجم وآثار المشكلة، وإيجاد الحلول المناسبة والوقائية من أجل أن نحافظ على مكتسبات الوطن، وفي مقدمتها عقول الشباب.
وأرجو أن يكون هناك مشاركة من الجميع عبر الصحيفة أو عبر حسابي في تويتر ودمتم في -حفظ الله-.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. وسائل التواصل الإجتماعي وسائل إيجابية تعمل على تسهيل الحياة ورفاهيتها والتقدم التقني والعلمي للتواصل بين البشر.
    سوء إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي همل سلبي يستهدف تدمير التواصل بين البشر ويعمل على تدمير كل ما هوا مفيد ولك أنت أن تختار إما الإيجابية وهذا ما فطرنا الله عليه وإما السلبية وهذا ما يسعى إبليس لعنة الله عليه وأعوانه من البشر في أن يعكر صفو البشرية ويدمر كل شيء جميل يهدف إلى خدمة البشرية وإعمار الأرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com