المقالات

إضاءات.. “وفي الليلة الظلماء يُفْتَقَدُ البدرُ”

رحمك الله يا مهندس الكلمة رحمة واسعة، لقد كنت لجيلي أيقونة القصيد، مُغذي الخيال، واصف الآمال، وشارح الأحوال، مع قصائدك نغنّي، ومع حروفك نهلي، ومع كلماتك تطيب المجالس ويحلو السهر، وتحت المطر نسير ونردد، من شعرك ما نحفظ، ومن قصائدك ما نردد، وعن كلماتك نبحث، لوحة الوطن بالوفاء أشرقت، وفي ذاكرتنا تخلدت، وخلدت صوت المطر، ووصفت المشاعر بك أمسياتنا أنارت، فكنت الهوى وأحلام الصبا وزرقة البحر، وها أنت ترحل فجأة فيُبكيك الحجر والشجر والبشر، وتبكيك كل القلوب التي ظللتها قصائدك.
عطني المحبة، كل المحبة عطني الحياة تلك كانت إحدى الأغاني التي تتغنى بأشعارك وكلماتك الخالدة التي رددناها في طفولتنا زمنًا طويلًا، وكانت حروفها تنبض بالحياة ومشاعرها ساحرة ومختلفة ليس لها مثيل؛ حيث إنها لم تكن تخاطب جيلًا واحدًا، بل إن كل القلوب سكنتها.
وكنت يا أمير الكلمة تنقلنا فوق هام السحب؛ لنعانق النجوم فخرًا بوطن هوائه وأرضه ظل ظليل وحكامه ليس لهم مثيل.
الله يا زمان الصمت وترحل .. صرختي .. وتذبل في وادي لا صدى يوصل .. ولا باقي أنين.
هاهو أنين الفراق (يا بدر) يزورنا في غفلة صبح كئيب، أنين لا يخففه بكاء، ولا يطفئه إلا الدعاء من رب كريم أن يرحمك ويغفر لك، ويجعل سكناك جنة الخلد يا أمير القلوب بدر بن عبد المحسن.
فقد ملكت مشاعرنا وشكّلت ذوقنا الشعري سنين طويلة كنت فيها مدرسة في شعرك، طلاقة لغوية وفصاحة شعرية تُمثل مدرسة شعرية جديرة بالدراسة والتفصيل، مدرسة تتلمس الجمال في كل شيء حولنا من طبيعة وخلق ووطنية وسلوك إنساني وفرح وألم وحب وشوق، مبدعة في ترانيم الهوى والبعاد والوصال.
من للمشاعر الدافقة بعدك يا بدر المشاعر من فنان يرسمها وينثرها فتتساقط آسرة كشلال من فوق جبال أبها يتساقط رويدًا رويدًا؛ فيروى أفئدة الأصحاء والمرضى، ومن للحُب من ساحر يصفه بأوصاف لا تخطر على بال تشفى منه القلوب العطشى.
كيف ننسى أغانيك الخالدة، ونحن كنا نحتفل بها عند انتصاراتنا الرياضية في المحافل الدولية، ونردد في فرح عارم: يا ناس الأخضر لا لعب بركان يتفجر غضب، منصور يا أغلى شعار يا سعودي يا أفضل منتخب، فيدب فينا الحماس ونغفو فلا نصحو إلا وأبناء المنتخب السعودي يرفعون الكأس.
ألست القائل أيها الراحل الكبير أبعتذر عن كل شيء إلا الهوى ما للهوى عندي عذر، نحن من نعتذر لك يا أميرنا الغالي؛ لأننا لا نجد ما يكفي لرثائك ورثاء روائعك التي تربينا عليها صغارًا وكبارًا في ذلك الزمن الجميل الذي كان للفن أجواؤه الحالمة ليلًا ونهارًا.



لقد خلقت لنا صورًا تكاد تنطق من جمال وصفها حين كتبت ليلة تمرين .. عطرك السافر فضح ورد البساتين، التي لن نقرأها أو نسمعها مرة أخرى على مر السنين؛ لأنها كانت ولا زالت ماركة بدرية نادرة تشعل فينا الوله والغرام والحنين.

أبكيك يا سيدي اليوم ويبكيك معي كل عاشق للجمال والشعر البدري الذي كان يعزف على أوتار القلوب أعذب معاني المحبة والوصال في كل حين.
عزاؤنا يا أميرنا الراحل بدر بن عبدالمحسن، لأسرتك الكريمة وللوطن، ولكل محب لك أعطاك المحبة كما طلبتها في أجمل أغانيك وأعطاك في ليل اليأس شمعة .. وبسمة نهار.
وأنت أعطيتنا أجمل وأعذب الأشعار.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. سلمت وسلم قلمك وفكرك ترتيب الجمل على هذا النسق لا يجيده إلا القليل ولا يليق إلا بك فأنت فارس الكلام الجميل الصادق

  2. سلمت يمينك أبا نواف. فعلا المصاب جلل وأحساس الفقد مؤلم وموجع لمثل أمير الشعر وصاحب الاحساس ومشاعر الحب الصادق ومن ترك. أثرٍ جميلا ….أسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويسكنه الجنة ويجبر قلوبنا على فراقه…شكرا لك على اجمل عبارات الرثاء لأمير بدر بن عبدالمحسن .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com