ثبتت المملكة العربية السعودية أنها وسيط الثقة الأبرز بين جمهورية باكستان الإسلامية والهند. مع تصاعد التوتر العسكري بين الجارتين النوويتين، تحركت الرياض بسرعة ودقة، مستثمرةً علاقاتها القوية مع الطرفين ومكانتها الدولية، لوقف التصعيد ومنع الانزلاق نحو مواجهة واسعة.
أسهمت المساعي السعودية، القائمة على الاتصالات الرفيعة والتحركات الدبلوماسية المكثفة، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 مايو 2025، الساعة الخامسة مساءً بتوقيت الهند. وبرز الدور السعودي باعتباره المحرك الأساسي لخفض التوتر، إلى جانب دعم أمريكي في الكواليس.
يتضح من تحليل هذا الدور أن نجاح الوساطة السعودية يستند إلى ثلاثة مرتكزات رئيسية:
أولًا، الثقة العالية التي تحظى بها المملكة من الطرفين بفضل حيادها ومكانتها الروحية والسياسية؛
وثانيًا، قدرتها على الجمع بين الحزم الدبلوماسي والمرونة السياسية بما يضمن توازن المصالح؛
وثالثًا، الرؤية الاستراتيجية التي تسعى إلى بناء بيئة إقليمية مستقرة تخدم السلام العالمي وتفتح آفاق التنمية.
إن الدور السعودي في هذه الأزمة لم يكن مجرد وساطة عابرة، بل تجسيد حي لسياسة مسؤولة تنبع من رؤية شاملة ترسخ أن الأمن والاستقرار هما القاعدة الأساسية لبناء الحضارات وصناعة المستقبل. لقد أثبتت المملكة، بقيادتها الحكيمة، أن منطق الحكمة يمكنه أن يغلب لغة السلاح، وأن الكلمة الصادقة المدعومة بالمكانة والثقة قادرة على نزع فتيل أخطر الأزمات.
وبينما كان العالم يترقب تصعيدًا خطيرًا بين قوتين نوويتين، جاءت المبادرة السعودية كوميض أمل، أعاد ضبط إيقاع المنطقة نحو التهدئة والحوار. ومثلما كانت الرياض لاعبًا أساسيًا في تحقيق السلام في ملفات عدة عبر العالم الإسلامي والدولي، فهي اليوم ترسخ مكانتها كصوت عاقل في زمن يزداد فيه الاضطراب.
ويؤكد هذا الدور أن المملكة لا تتحرك بردود أفعال، بل برؤية متأنية تدرك أن السلام الحقيقي يتحقق عبر مبادرات استباقية وشراكات عادلة. فبحنكة القادة، وقوة الدبلوماسية، وعراقة الرسالة، صنعت المملكة الفارق مرة أخرى، لترسخ نفسها ليس فقط كقوة إقليمية، بل كركيزة لا غنى عنها لصون الأمن العالمي، وصناعة واقع أكثر استقرارًا وإنصافًا للأمم والشعوب.
ستظل المملكة العربية السعودية، كما كانت دائمًا، درع السلام، وعنوان الحكمة، ورمز المسؤولية الحضارية في زمن الأزمات

0