المقالات

“الأزمة الهندية الباكستانية”.. أدوار محورية للدبلوماسية السعودية.. لاحتواء الموقف العسكري المتفجر بين البلدين

ما أن تنشأ أزمة أو يقوم نزاع مُسلّح في أي منطقة من مناطق العالم، إلا وتتجه بوصلة دول العالم صوب بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية، ويرتفع سقف الطموحات.. وتتعاظم الآمال في ما ستقوم به قيادتها الحكيمة الرشيدة، بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسنده وعضده وساعده الأيمن سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – رعاهما الله –، من أدوار محورية.. وما ستبذله من جهود مضاعفة، لحل هذه الأزمة.. أو إنهاء ذاك الصراع أو النزاع بالطرق السلمية، لتترسّخ مكانة السعودية كدولة رائدة ومحورية يومًا بعد يوم، وليتجلّى دور الدبلوماسية السعودية بين كل فترة وأخرى.
فعندما بدأ التوتر المتصاعد بين كلٍ من جمهورية الهند وجمهورية باكستان الإسلامية، واستمر تبادل إطلاق النار في المناطق الحدودية في نهاية شهر أبريل المنصرم، أعربت المملكة العربية السعودية عن قلقها بهذا الشأن، ودعت البلدين إلى خفض التوتر وتجنب التصعيد وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية، واحترام مبادئ حسن الجوار، والعمل على تحقيق الاستقرار والسلام لما فيه خير شعبيهما وشعوب المنطقة، مع التأكيد على حرص المملكة على أمن واستقرار المنطقة، وعلاقاتها الوثيقة والمتوازنة مع كلا البلدين الصديقين.
وتبع ذلك، إجراء صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية مؤخرًا، اتصالين هاتفيين، بكل من معالي وزير الشؤون الخارجية في جمهورية الهند الدكتور سوبراهمانيام جايشانكار، ومعالي نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الخارجية في جمهورية باكستان الإسلامية السيد إسحاق دار، لبحث الجهود المبذولة لتهدئة التوترات ووقف التصعيد، وإنهاء المواجهات العسكرية الجارية.
وضمن إطار مساعي المملكة الحثيثة والمتواصلة للتهدئة ووقف التصعيد وإنهاء المواجهات العسكرية الجارية بين البلدين، والعمل على حل كافة الخلافات من خلال الحوار والقنوات الدبلوماسية، لم تكتف المملكة بهذه الجهود، فبتوجيه من القيادة الرشيدة – حفظها الله -، قام معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء ومبعوث شؤون المناخ الأستاذ عادل بن أحمد الجبير، بزيارة لجمهورية الهند وجمهورية باكستان الإسلامية الشقيقة خلال الفترة من 8 – 9 مايو الجاري، ولتُعتبر المملكة، الدولة الوحيدة التي دفعت بمبعوث خاص لزيارة البلدين والالتقاء بالقيادتين السياسيتين، لتغليب صوت الحكمة وإسكات أصوات البنادق، وهو ما تكلل ولله الحمد في إعلان البلدين إنهاء التصعيد العسكري والالتزام بالتهدئة.
لتأتي مساعي المملكة العربية السعودية وجهودها الكبيرة والمقدرة، للتهدئة ووقف التصعيد بين جمهورية الهند، وجمهورية باكستان الإسلامية، ودعواتها المتكررة لفتح قنوات الحوار وتكريس أدوار الدبلوماسية لحل الخلافات؛ مع تأكيدها على أهمية اللجوء إلى الحوار والدبلوماسية لحل النزاعات، ثمرها، وتكّلّل – ولله المِنة والفضل – بالنجاح، حيث أسهمت الجهود السعودية – إلى جانب الوساطة الأمريكية -، في التوصل إلى وقف إطلاق النار بتاريخ 10 مايو الجاري، والإعلان عن الاتفاق على تهدئة التوترات بين البلدين، وعلى وقف إطلاق النار الفوري بين الدولتين المتنازعتين، فرغم الإعلان عن وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية رئيسة، أشارت السلطات في كل من الهند وباكستان، إلى أهمية ومحورية المساهمة السعودية الحاسمة في تقريب وجهات النظر، وتذليل العقبات، وتخطي التحديات، وتسهيل الوصول لاتفاق، مما يعكس جهودًا دبلوماسية موازية.
لتُسهم هذه الخطوة المهمة، في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة جنوب آسيا، حيث تمّ تغليب الحكمة ومصلحة الشَّعبَين، والاستجابة للمساعي الحميدة للمملكة، لتجنيب البلدين والمنطقة المزيد من التصعيد الخطر، مع تطلع السعودية في أن يكون هذا الاتفاق؛ خطوة نحو حل شامل للنزاع بين البلدين، بما يضمن السلام والأمن الدائم لشعوبهم، الأمر الذي يُرسخ ثقة كلا من جمهورية الهند، وجمهورية باكستان الإسلامية؛ في دبلوماسية المملكة، في ظل حكمة قيادتها، وريادتها وثقل مكانتها وعلاقاتها الدولية، وتاريخها الراسخ في تعزيز الأمن والاستقرار وبناء السلام على الصعيد الإقليمي والدولي.
لتُعرب وزارة الخارجية السعودية، عن ترحيبها باتفاق وقف إطلاق النار بين جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية الهند، معبرةً عن تفاؤلها في أن يفضي هذا الاتفاق إلى استعادة الأمن والسلم في المنطقة، مع إشادة المملكة، بتغليب الطرفين للحكمة وضبط النفس، مجددةً في هذا الصدد؛ دعمها لحل الخلافات بالحوار والسبل السلمية، انطلاقاً من مبادئ حسن الجوار، وبما يحقق السلام والازدهار للبلدين ولشعبيهما.
ولتؤكد هذه المساعي الحميدة، مواصلة المملكة لأدوارها الإقليمية والعالمية لإحلال السلام في كل مكان من أرجاء المعمورة، وللترسّخ هذه الأدوار في هذه المرة على الساحة الهندية الباكستانية التي شهدت تصعيدًا عنيفًا في أيام معدودة، ما استدعى تدخلاً عاجل من السعودية لتدارك الأمور، لتؤدي المملكة أدوارًا أساسية لاحتواء الموقف العسكري بين البلدين وضمان عدم توسعه وامتداده وخروجه عن السيطرة، انطلاقاً من مكانتها.. وعلاقاتها الحليفة مع كلا البلدين الصديقين، ليبدو ذلك جلياً؛ في تعبير كل من الهند والباكستان عن تقديرهما للدور المحوري والأساس الذي قامت به المملكة، وما بذلته من جهود سياسية ودبلوماسية كبيرة لخفض حدة التوتر وتقليل التصعيد العسكري بين البلدين الجارين، حيث تتمتع السعودية بعلاقات قوية مع كل من الهند وباكستان، مما جعلها وسيطًا محايدًا ومقبولاً، وهو ما يؤكد الدور السعودي المحوري والحاسم الذي قامت به لنزع فتيل هذه الأزمة التي كانت في تصاعد متواصل، وبالتالي تجنيب دول العالم خطر نشوب حرب شاملة بين الجارتين النوويتين.
والله من وراء القصد،،،

* المُلحق الثقافي في سفارة خادم الحرمين الشريفين في أنقرة

د.م فيصل بن عبدالرحمن أسره

أستاذ الهندسة البيئية والمياه المشارك، بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى