إيوان مكة

الكمال والمثالية… وهمٌ نتعقبه؟

بقلم:: ميس ناصر الشهراني

الكثير منّا يتوق إلى المثالية، يظنّ أنها الطريق إلى السعادة، إلى الطمأنينة، إلى الرضا التام. لكن الحقيقة التي كثيرًا ما نغفلها: لا وجود للكمال في هذه الحياة، وإن وُجد، فلن يكون بشرًا.

فالإنسان، بطبيعته، ناقصٌ ليكتمل، ويخطئ ليتعلّم، ويتعثّر لينهض. وهذا النقص هو ما يجعلنا بشرًا، هو ما يمنحنا طعم التجربة وصدق الشعور.

نعم، كثيرون يلهثون خلف الكمال، يرسمونه بمعايير ثابتة، يقيسون به كل شيء:
الجمال، النجاح، الشخصية، بل الحياة بأكملها.

ومع الوقت، فقدت هذه الأشياء معانيها الحقيقية، وانمحت ملامحها تحت ظلال “مثاليةٍ مصطنعة”.
لكن ما لم يدركه أولئك، أن جمال الأشياء الحقيقي يكمن في نقصها، لا كمالها.

الجمال مثلاً…
هو أن تكون ملامحك فريدة، لا منسوخة من قوالب العالم.
أن تكون جميلًا بطريقتك، أن تُشبه نفسك، لا غيرك.
كل منّا يحمل جمالًا خاصًا، لا يقاس بعدد الإعجابات ولا بمعايير الجمال العالمية.
ولو تأملت، ستجد أنك تميّز من تحبهم بعيون قلبك، لا بمعايير الآخرين.

أما الكمال في النجاح…
فهو ليس في الحصول على أعلى الدرجات، بل في فهمك، وتجربتك، والدروس التي خرجت بها من كل عثرة.
الدرجات لا تختزل قوتك، ولا تعبّر عن كامل قدراتك.
القيمة الحقيقية تكمن في إدراكك لذاتك، وفي تقبّلك لنقصك، وسعيك الدائم نحو الأفضل دون أن تمحو إنسانيتك.

لقد شوّه كثيرون مفهوم الكمال، حتى صار عبئًا على القلوب، لا حلمًا نقيًا.
لكن الحقيقة ستظل واحدة:
الكمال ليس أن تكون مثاليًا، بل أن تكون أنت.
بنقائك، بضعفك، بقوتك، بكل ما فيك من تناقضات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى