
مكة المكرمة – في ليلة تزينت بالفرح، وتوشحت بالهوية الوطنية، اجتمع فيها العالم على أرض مكة المكرمة، في مشهد ذابت فيه الفوارق الثقافية، ضمن حفل “حفاوة” السنوي، الذي تنظمه الماسية بحضور ممثلي شؤون حجاج 22 دولة من دول العالم الإسلامي من مختلف قارات العالم، من مصر إلى الصين، ومن جنوب أفريقيا إلى ماليزيا، في لوحة تجسد معاني التقارب والتعايش التي تعزز الاحترام المتبادل القائم على مبدأ الاختلاف.
شهد الحفل الذي أقيم في مكة المكرمة، انطلاقة بروتوكولية بالسلام الملكي السعودي، ثم نسجت فصول الحفل بفقرات تجمع بين الأصالة والرؤية والترحيب بالضيوف بالعرضة السعودية، تلى ذلك البدء بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ومرورا بفيديو “رؤية وطن” الذي يروي طموح المملكة في خدمة الحجاج وتحقيق مستهدفات رؤية 2030، وتوالت الفقرات ثم جاءت كلمة
رئيس مجلس إدارة مشارق القابضة، سعادة الأستاذ عدنان مندورة، أكد فيها على أهمية التواصل الإنساني الفعال ودوره في توطيد العلاقات وتعزيز أواصر التعاون، مما ينعكس بشكل مباشر على نجاح منظومة الحج، ويسهم في تقديم خدمات راقية تليق بضيوف الرحمن.
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس إدارة مشارق القابضة سعادة الأستاذ/ محمود دمنهوري،”من أرض الوحي ومهد الرسالة، تدعو المملكة العربية السعودية شعوب العالم إلى السلام والنماء والتعاون، منطلقة من مسؤوليتها الدينية والإنسانية، كما تفخر المملكة بإرثها الحضاري والثقافي العريق الممتد من العُلا إلى مكة المكرمة، قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم”.
واشار دمنهوري، إلى رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تقديم هذا الإرث للعالم بأبهى صورة، مرتكزة على القيم والإنسانية، عبر كافة الوسائل الإعلامية. ومن هذا المنطلق، تعمل “مشارق الماسية” على تطويع الحراك الإعلامي لإبراز جمال التنوع الثقافي بين الحجاج، وترسيخ معاني التآخي والتعارف التي نادى بها الإسلام.
واضاف دمنهوري ” سعادة القناصل، ورؤساء مكاتب شؤون الحجاج،أنتم سفراء السلام من أرض السلام، وشركاؤنا في هذه الرسالة العظيمة. نعتز معكم بهذا العمل الذي يشهد فيه العالم على رقي المبادئ الإسلامية وسمو أخلاق الحجيج قبل وأثناء وبعد المناسك. وها نحن اليوم نحتفي، في تجربة تجمع بين التنوع والوحدة، وتجسد رؤيتنا المشتركة في تقديم الحج بمقاصده الإيمانية والانسانيه واحترامه للثقافات، وايصال رسالة الإسلام إلى العالم في أبهى صورها”.
وجاء في كلمة رئيس محلس ادارة الماسية الاستاذ/ علي بن حسين بندقجي، تحت مظلة الأخوة والتكامل “أنتم لستم ضيوفا علينا، بل شركاء في التنظيم، وركن أصيل في منظومة نجاح الحج”.
واستعرض بندقجي، في سطور موجزة، قصة نجاح الماسية التي كتبت بالتواصل الحقيقي، وتروى اليوم بلغة التجربة والخبرة، حيث كانت ولا تزال بيئة العمل الصحية، والعلاقات المتينة مع مكاتب شؤون الحجاج، والتفاني في خدمة ضيوف الرحمن من أبرز أسرار الاستمرار والتقدم.
واضاف بندقجي، إن قيم “الماسية” تقوم على ثلاث ركائز أساسية “الحاج أولا، الخبرة الممتدة، والاستدامة كغاية لا شعار”
لافتا إلى أن هذه المنهجية أثمرت توقيع عقود تقديم خدمات حج مع 10 دول لثلاثة أعوام متتالية، وتقديم الخدمة لما يزيد عن 128 ألف حاج في حج هذا العام بنسبة نمو تزيد عن 45٪، في إنجاز تزامن مع حصول “الماسية” على جائزة أفضل بيئة عمل لعام 2024.
واختتم كلمته برسالة جامعة “إن فرحتنا بلقائكم اليوم، لا تقل عن فرحتنا بتحقيق الجوائز ، لأن هدفنا المشترك هو التطوير المستمر، والنمو والتحسين من أجل خدمة الحاج بأعلى المعايير.
عقب ذلك، ألقى كلمة نيابة عن الضيوف ممثلي 22 دولة ، الوكيل الدائم لوزارة التضامن الاجتماعي والمدير التنفيذي للمؤسسة القومية لتيسير الحج”سعادة الدكتور أيمن عبدالموجود،
“يشرفني أن أعبر عن اعتزازي بالتعاون المثمر مع شركة مشارق الماسية، الرائدة في خدمة ضيوف الرحمن، والتي قدمت نموذجا يحتذى في التنظيم والجودة. ونثمن جهود المملكة العربية السعودية بقيادتها الحكيمة في تطوير منظومة الحج عبر رؤية 2030، لتكون تجربة الحج مثالا عالميا في التيسير والإنسانية. نشكر الشركة وإدارتها على هذا اللقاء الجامع، ونتطلع إلى شراكات طويلة الأمد تجسد رسالتنا المشتركة في خدمة الحجاج بروح من الإخلاص والمسؤولية”
تتالت فقرات الحفل لتكون ترجمة حقيقية لمعنى الحفاوة، فتألقت الفقرة الترفيهية “ينبعاوي” بأهازيجها الشعبية، وتمازجت مع أجنحة الحرف اليدوية التي اتاحت للضيوف التعرف على حضارة صناعة الرواشنين والأبواب الخشبية لثلاثة عشر منطقة ادارية مختلفة بالمملكة بصناعة يدوية من الفنان التشكيلي خالد قاروت، وجناح صناعة الفخار وجناح تقطير الورد الطائفي وصناعة العطور وجناح دباغة الجلود وصناعة الصابون وجناح التصوير الفوري بعد ارتداء الضيوف للازياء السعودية الرجالية أو النسائية التي تمثل الهوية الثقافية السعودية بأبعادها المتنوعة، تزامنا مع عام الحرفة، مما أضفى بعدا تراثيا فريدا، حيث تم إبراز جوانب من الحرف التقليدية السعودية في قالب بصري مؤثر يعكس ثراء الهوية الوطنية وعمقها الحضاري، الذي يعزز الحضور الثقافي للمملكة في ذاكرة الحجاج الدوليين.
فيما نقلت عروض الفيديو نبض العمل على الأرض، ومنها “جاهزية المخيمات في المشاعر المقدسة” التي تعكس الجهود الاستباقية والجاهزية لخدمة ضيوف الرحمن.
في لحظة مهيبة ومفعمة بالمشاعر، صفق الحضور طويلا لها، عندما جسدت الفنانة أفراح شقدار ، على المسرح، لوحة فنية حية لصورة القائد الملهم، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء – مستخدمة الرسم بالرمل، لتروي للعالم بلغة الفن ما تعجز عنه الكلمات، لوحة لا تنطق بالحب فقط، بل بالحلم، والأمل، والامتنان لقائد ألهم جيلا، وقاد وطنا نحو المجد بخطى واثقة ورؤية عظيمة.
كانت تلك اللمسة الفنية أكثر من مجرد عرض، بل تعبيرا صادقا عن محبة السعوديين واعتزازهم بالرمز، الذي جعل “الحلم السعودي” قصة تروى للعالم.
وفي ختام فقرات الحفل، لحظة التكريم كانت بمثابة عرفان بالجهود، واختتمت الفعالية بعرض فني بعنوان “المزمار”، أحد أشهر الفنون الفلكلورية السعودية، ليكون مسك الختام في أمسية عنوانها “السعودية بيت الحفاوة.. والحج قصة نرويها للعالم بالمحبة والاحسان واستشعار المسؤلية تأكيدا على رسالة الماسية ” اجواء روحانية بمعايير عالمية”.
اختتم حفل “حفاوة” ، بمأدبة عشاء استثنائية، حملت في تفاصيلها رسالة الضيافة السعودية السخية المتجذرة، وروح التقدير للتنوع الحضاري بين الوفود المشاركة، وتنوعت المائدة لتشمل أطباقا من المطبخ السعودي العريق، إلى جانب أطعمة مستوحاة من المطابخ الإفريقية، الصينية، اللبنانية والمصرية، لتلبي أذواق الحضور من مختلف الدول، في انسجام يعكس الغاية الأسمى من هذا اللقاء، الاحتفاء بالتنوع تحت مظلة الوحدة.
لم يكن العشاء مجرد نهاية لحفل، بل امتدادا لروح “الحفاوة” التي سكنت كل تفاصيل اللقاء، حيث اجتمع الطعم بالأصالة، والضيافة بالاحترام، في مشهد تذوق فيه الضيوف أكثر من نكهة ولامسوا قلبا سعوديا مضيافا واحدا يرحب بالجميع.