تبذل الجهات الحكومية ذات الطابع الخدمي جهودًا ملموسة تُشكر عليها، لما ينعم بها المواطنون. ويأتي دور وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان ممثلة بأمانات المناطق، وكذلك الشركة الوطنية للمياه والجهات الخدمية الأخرى من إدارات أخرى تتنافس وتسعى للتميز والرقي الذي ينشده كل مواطن.
فعندما أُسندت مسؤولية تمديدات شبكات الصرف الصحي مع تمديدات شبكات المياه الوطنية إلى الشركة الوطنية للمياه، كان قرارًا موفقًا حقًا، إلا أنها أبدعت فقط في جانب دون آخر؛ حيث تميزت في تمديدات شبكات المياه بصورة أسعدت المستفيدين، لكنها أخفقت كثيرًا في مشروع تمديدات الصرف الصحي، لاسيما وأن العلّة تكمن في تواجد وانتشار المياه الجوفية التي أعاقت عمل تمديدات شبكات الصرف الصحي.
نحن أمام لغز أو أزمة أو مشكلة تبحث عن حل، ألا وهي أزمة المياه الجوفية، والجهة المسؤولة عن علاجها هي وزارة الشؤون البلدية ممثلة بالأمانة. وفي أحياء كثيرة اخترقت هذه المياه خزانات الصرف الصحي وتسببت في امتلاء وطفح البيارات وتسربها إلى الطرقات، وهي محملة بالروائح الكريهة والنجاسة وانتشار الحشرات والأمراض والفيروسات المعدية.
ولا يخفى علينا دور الأمانة وما قامت به من استنفار وجهود واضحة ووضع الحلول المناسبة، وقد خُصصت ميزانيات باهظة لعلاج الأزمة، إلا أن الشق أكبر من الرقعة…
فشركة المياه الوطنية – حسب حديث المراجعين – تبرهن على جاهزيتها في تمديدات الصرف الصحي حال انتهاء الأمانة من معالجة المياه الجوفية. فلماذا لا تُوكل مسؤولية معالجة المياه الجوفية إلى شركة المياه الوطنية، ويبقى إدارة مشاريع تصريف مياه السيول والأمطار للأمانة؟ حتى لا تكون هناك حجج تُستغل وتُعرقل تنفيذ المشاريع الحيوية.
كما أن الأمانة تواجه عائقًا مهمًا عند اختلاط المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي المتغلغلة في باطن الأرض.
وقد عانى سكان هذه الأحياء الواقعة داخل النطاق العمراني من وجود المياه الجوفية المختلطة بالصرف الصحي، مما تسبب في هبوط الأرضيات والشوارع والعقارات. لدرجة أن أغلب السكان يقومون بنزح بياراتهم بشكل مستمر كل يومين إلى ثلاثة أيام، إرهاقًا وتعبًا وخوفًا من أن تطفح ليلًا وهم في سبات، ثم تلاحقهم مخالفات الأمانة.
فهل يحق للأمانة أن تخالف مالك العقار عندما تطفح مياه الصرف الصحي من بيارته؟ ولماذا لا تكون مبالغ هذه المخالفات لصالح صندوق شركة المياه الوطنية، لعلها تستفيد في زيادة ميزانيتها، فهي الأقدر على تقدير الوضع وإدراكه؟
إذ لم يكن للبلدية أو الأمانة حل سوى بوضع مخالفات تثقل كاهل المواطن، فبمجرد مرور مراقب البلدية والتقاط صورة للمياه، يصدر إشعار بالمخالفة وغرامتها من إدارة التشغيل والصيانة بأمانة المحافظة.
ففي أغلب أحياء شرق جدة، ومنها حي أبرق الرغامة (1 و2 و3) وحي النخيل والواحة وغيرها من الأحياء، تعاني من طفح المياه المختلطة، ولا يُعرف أنها مياه صرف صحي إلا بانبعاث روائح المجاري – أكرمكم الله – وقد اشتكى الكثير من سكان هذه الأحياء من الطفح المتكرر، ومن اضطرارهم لعبور هذه المياه في ذهابهم وإيابهم من وإلى المساجد.
خلاصة القول:
لو أُسند كل ما يتعلق بشبكات المياه الوطنية وشبكات الصرف الصحي مع معالجة المياه الجوفية إلى شركة المياه الوطنية، واكتفت الأمانات والبلديات بمعالجة مياه تصريف السيول والأمطار… لا أحب أن أفرض مقترحي، ولكنه مشاركة بالرأي، وقد أصيب وقد أخيب، ولعل هناك ما أغفله ولا أعلمه.
وفي النهاية، نحن جميعًا مواطنون هدفنا واحد وسامٍ: أن تكون أحياؤنا جميلة. ولا نغفل عن دور هذه الإدارات التي نشاهد إنجازاتها والمشاريع القائمة والمنتشرة بين أحياء المنطقة أو المحافظات






