المقالات

عادة بعد كل قرار

عندما أعلنت وزارة التعليم عن تطبيق نظام الفصول الثلاثة، بدأت حملة إعلامية مناهضة في المجالس وعبر مواقع التواصل. بل إنني شاهدت أحاديث في بعض القنوات ترفض القرار، وكانت حججها لا علاقة لها بالمصلحة العامة، بل لأسباب شخصية؛ مثل ارتفاع الحرارة وعناء الوصول إلى المدرسة. ومع ذلك طبقت الوزارة القرار، وكان أمرًا طبيعيًا أن يُجرَّب ويُترك الحكم لرأي الميدان. وبعد عامين أُلغي النظام وعاد العمل بالفصلين، وهو ما حدث لاحقًا عندما أعلنت الوزارة تطبيق نظام «حضوري» ابتداءً مع بداية العام الدراسي الحالي.

عادت الأصوات نفسها التي لا تنظر إلى المصلحة العامة وضبط الأداء في الميدان التربوي، وبدلًا من انتظار التطبيق، رأينا مقالات وتغريدات وآراء، وبعض أصحابها ليست لهم علاقة بالعمل التعليمي، ارتفعت أصواتهم لمجرد عطل في النظام أو وجود ملاحظات في بعض المناطق. بل إن بعضهم بدأ ينشر مقالات هدفها الوقوف أمام «حضوري»، ويستشهدون بعبارات عجيبة يظنون أنها تدعم رأيهم، مثل أن الميدان التربوي مختلف، وأن وظيفة المعلم غير عادية. وهذا أمر معلوم، لكنك تشعر أن الهدف الحقيقي هو إيقاف تطبيق النظام، وهو ما ظهر بين السطور. حتى إن خبرًا نُشر اليوم – لا أعلم صحته – أشار إلى حادث سير لمعلمات، قيل إنه بسبب نظام «حضوري» وعدم تقدير الظروف.

كل هذا لا يتفق مع رغبة التطوير والتنظيم، وكأننا الدولة الوحيدة التي تُطبق مثل هذه الأنظمة! وللأسف هناك من يتأثر سلبيًا بما يُنشر في وسائل الإعلام، متناسين أن الخطأ أو التوقف أمر طبيعي في أثناء التطبيق، وأنه يُعالج في حينه. فالكلمة أمانة، والعواطف لا مجال لها هنا. أصحاب القرار يعرفون قبل التطبيق الهدف من التنظيم، وسيُعالج الخلل أو يُلغى إذا استدعى الأمر، ولكن بعد فترة تجربة، كما حدث مع نظام الفصول الثلاثة.

التطبيق في الميدان التربوي لا تظهر آثاره إلا بعد مدة، عبر تقارير ترفعها المناطق للوزارة. لذا، أعطوا الأنظمة فترة طبيعية للتطبيق، ثم اسمعوا الآراء. أما أن يُنتقد النظام بعد أقل من 24 ساعة من تطبيقه، فذلك أمر غير منطقي

خالد محمد الحسيني

تربوي وإعلامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى