الثقافية

الشاعر عبدالرزاق الربيعي: “الفن يجعل الحياة محتملة رغم المآسي”

استضاف برنامج «صنوان» في موسمه الرابع على قناة السعودية الشاعر عبدالرزاق الربيعي في حلقة حملت طابعًا إنسانيًا وثقافيًا مؤثرًا، تحدث خلالها عن محطات عميقة من حياته الشخصية والإبداعية الممتدة بين العراق واليمن وسلطنة عمان.

استهل الربيعي حديثه باستذكار معلمه الأول الكاتب حسين كركوش، المقيم في فرنسا، والذي كان له دور كبير في تشجيع جيل الشباب على القراءة والمسرح والكتابة، مؤكدًا أنه “درسنا سنة واحدة فقط، لكنها كانت كفيلة بزرع حب الاطلاع فينا”.
وتطرق الشاعر إلى التجارب الصعبة التي مرّ بها، مؤكدًا أن الفن انعكاس للواقع، قائلاً: “الموت حاضر دائمًا، لكننا مع ذلك نفتح نوافذ للحياة، فهذه مهمة الفنان أن يجعلها محتملة رغم المآسي”.
واستذكر حادثة إعدام شقيقه الأكبر في فترة صعبة من تاريخ العراق، معتبرًا أن تلك التجربة تركت أثرًا عميقًا في نفسه وأسهمت في تشكيل رؤيته الشعرية، مضيفًا أن الظروف القاسية تصنع حسًّا إنسانيًا عاليًا لدى المبدع.

كما تحدث عن تأثره بـالأساطير السومرية التي ألهمته أعمالًا مسرحية، معتبرًا أن الحزن المتجذر في التاريخ العراقي جعل الشعراء يحملون ذاكرة جماعية من الألم، وقال: “حتى في لحظات الفرح، نكتب الحزن دون قصد”.

واستعاد الربيعي ذكريات أول زيارة له إلى الرياض عام 1984 حين شارك في مهرجان الشباب العربي السادس ممثلًا لطلبة الجامعة، مشيدًا بالوسط الثقافي السعودي الذي جمعه آنذاك بشعراء كبار مثل محمد الثبيتي، عبدالله الصيخان، والدكتور سعد البازعي.

ثم تحدث عن رحلته الطويلة بعد مغادرته العراق، مرورًا بـعمّان التي كانت محطة لكل العراقيين آنذاك، ثم إلى اليمن التي أقام فيها أربع سنوات، قبل أن يقوده القدر إلى سلطنة عمان، حيث وجد الاستقرار والاحتواء.
وفي سلطنة عمان بدأت فصول حياته الجديدة حين التقى زوجته الراحلة عزّة الحارثي، التي وصفها بأنها “الملاذ والسكينة”، مشيرًا إلى أنه عاش معها أجمل ثمانية عشر عامًا قبل أن تخطفها مرض السرطان، فرثاها بقصيدة مؤثرة قال فيها:
“خذي رئتي، خذي بدئي وآخرتي، خذي ما ضاع من عمري وما خطّت يد القدر.”
وأضاف الربيعي أنه رزق منها ابنته الوحيدة “دجلة”، التي حمل اسمها حنينًا لبلاده العراق، مؤكدًا أن الوطن لا يفارق الروح مهما ابتعد الجسد، قائلاً: “على الإنسان أن يغرس قدمه في وطنه، لكن يجعل عينيه تستكشفان العالم”.

واختتم حديثه بالإشارة إلى أن تجنسه بالجنسية العُمانية بعد وفاة زوجته شكّل نقطة تحول في حياته، إذ منحه الشعور بالثبات والانتماء من جديد، قائلاً: “عمّقت جذوري في الأرض التي احتوتني، وجعلتني أقف على قدميّ من جديد.”

يُعد برنامج «صنوان» أحد أبرز البرامج الحوارية الثقافية على قناة السعودية، يقدمه الإعلامي علي الظفيري، ويُعرض أسبوعيًا ضمن الموسم الرابع.
يركز البرنامج على استضافة شخصيات فكرية وأدبية وفنية عربية، ويسلّط الضوء على مسيرتهم وتجاربهم الإنسانية والثقافية بأسلوب عميق وهادئ.

وتواصل هيئة الإذاعة والتلفزيون أداء رسالتها في نقل القصص الإنسانية والتجارب الملهمة وتسليط الضوء على قضايا البيئة والمجتمع، إلى جانب عرض مشاريع المملكة ومبادراتها الريادية، مع إبراز جوانب التميز والإبداع السعودي في مختلف المجالات من خلال برامجها المتنوعة.

حسن الصغير

مدير التحرير - منطقة الباحة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى