الحرمين الشريفين

خطيب المسجد الحرام "صالح بن حميد" كل عبد محتاج إلى التوبة ولا يستغني عنها أحد مهما بلغ مقامه ومهما كانت طاعته وصلاحه

صحيفة مكة الإلكترونية – مكة المكرمة
19 رمضان 1432 هـ

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام إن علامة الدين الإخلاص لله في السر والعلن وعلامة الشكر الرضا بالقضاء والقدر وعلامة الحب كثرة ذكر المحبوب، فاتبع ياعبد الله ولا تبتدع، وتواضع ولا ترتفع0 وأوضح فضيلته أن استقامة النفوس وإصلاحها وتزكية القلوب وتطهيرها مسالك تفتح أبواب الأمل من أجل حياة أفضل ومسيرة أزكي، والنفوس لاتحقق عزتها إلا إذا تذللت لربها راضية ،وخضعت لخالقها راغبة، وسارت إليه مشفقة وجلة لتنال الأمن وتذوق لذة المناجاة، وحينئذ تطمئن النفوس وتنشرح الصدور وتستنير القلوب0
وأشار الشيخ صالح بن حميد إلى عبودية من أحب العبوديات إلى الله وأكرمها عنده، عبودية تنتج للعبد آثارا عجيبة من المقامات والمنازل، تنتج المحبة والرقة والانكسار والخضوع لله عز وجل، عبودية قال فيها أهل العلم إنها من مهمات الإسلام وقواعده، منة من الله ونعمة لاتدع ذنبا إلا تناولته ولا معصية إلا محتها، إنها التوبة.

وأضاف فضيلته يقول : [COLOR=crimson]التوبة [/COLOR]رجوع إلى الله بالتزام فعل مايحب باطنا وظاهرا وترك مايكره باطنا وظاهرا، دعاء وتضرع وتذلل وإقرار بحول الله وقوته وقدرته ومشيئته وعدله وحكمته وفضله ورحمته، واعتراف بالضعف البشري والتقصير والحاجة، التوبة ترك الذنب علماً بقبحه وندماً على فعله وعزماً على عدم العودة إليه وتداركاً للأعمال الصالحة من غير تردد أو انتظار أو يأس.

وبين أن كل عبد محتاج إلى التوبة مفتقر إلى الإنابة فلا يتصور أن يستغني عنها أحد مهما بلغ مقامه ومهما كانت طاعته وصلاحه بل هي خلق الأنبياء والمرسلين، فهي تصاحب البشرية منذ أبيهم آدم عليه السلام، وبالتوبة النصوح ينتقل العبد من المعصية إلى الطاعة ومن الضعف إلى القوة ومن الهدم إلى الإصلاح ومن الظلم إلى العدل والرحمة والإحسان ،والتوبة سد عظيم أمام الفساد والمفسدين يعرضها الإسلام على الكفار وعلى المحاربين والمرتدين وعلى كل المفسدين في الأرض مهما بلغ كفرهم وفسادهم وطغيانهم ، وبالتوبة الصادقة يتطهر المجتمع من المآثم والجرائم ليقل خطرها ويحاصر أثرها، بالتوبة يتجسد للعبد ذل الحاجة والطاعة والعبودية وذل المحبة والانقياد وذل المعصية والخطيئة، ومن اجتمع له ذلك كله فقد خضع لله تمام الخضوع وحقق العبودية والاستكانة، وهل يسكن تأنيب الضمير وأوجاع النفوس إلا التوبة والذكر والاستغفار.

وأفاد إمام المسجد الحرام أن التوبة يفرح الله بها فهي انتصار العبد على أسباب الضعف والنفس الأمارة بالسوء والشيطان الرجيم، إنه فرح الله البر اللطيف المحسن الكريم الجواد الرحيم، لقد جعل الله التوبة وسيلة لمحبته وسبيلا لفرحه، ولم يكن هذا الفرح من الله في شيء من الطاعات غير التوبة، فرح إحسان من العلي الأعلى، إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، مبيناً أن من مظاهر هذه المحبة الإلهية والفرح الرباني تبديل السيئات حسنات، فأي جود من ربنا أعظم من هذا، وأي كرم أوسع من هذا فالتوبة لاتمحو الذنب فقط بل تحوله حسنات تضاف إلى رصيد الحسنات، الرب يتحبب إلى عبده وهو الغني والعبد يقدم على التقصير وهو الفقير.

وتابع إمام وخطيب المسجد الحرام يقول إنه كل ماقوي سلطان محبة الله في القلب كان اقتضاءه للطاعة وترك المخالفة أقوى وبضعف المحبة تقوى جاذبية المعصية وتظهر المحبة حين تقترن بالحياء من الله وإجلاله وحسن مراقبته والمسلمون في هذه الأيام المباركة أيام شهر رمضان المبارك بل هم في إقبال هذه العشر الأخيرة أكثر حياءً وأكثر محبة وأعظم رجاءً0

وقال فضيلته : كيف وقد اجتمع لكم [COLOR=crimson]ياأهل الحرمين[/COLOR] مواطنين ومقيمين وزوار شرف الزمان وشرف المكان تعيشون قدسية المقدسات ونفحات البركات مقبلين على عباداتكم وصلواتكم وأذكاركم ببشر وابتهاج وأنتم ترون من المنشآت وتعيشون من الانجازات مايثير اعتزاز كل مسلم ويبهج كل متعبد ويهيئ أجواء العبادة لكل متنسك.

وأضاف يقول : هذه [COLOR=crimson]الدولة السعودية المباركة[/COLOR] أقامت دولة موحدة مترامية الأطراف لمت شتات الأمة وأرست قواعد الحكم على كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في خضم صراعات حادة وتيارات متصارعة هذا المؤسس الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله بعد ملحمة التوحيد وبعد أن استقر الحكم واطمأنت البلاد وأهلها بدأ التعمير والبناء في الدولة ومن أظهر مظاهر التعمير وأول المواقع وأولاها البقاع الطاهرة، الحرمان الشريفان والمشاعر المقدسة فكانت محل العناية من الملك المؤسس ثم أبناءه الملوك من بعده وانتم في هذا العهد الزاهر المتمم لعهود والده وإخوانه عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com