أبرز الأخبار

“هكذا بدا وجه روسيا في سانت بطرسبرغ”… ستيف روزنبرغ ينقل كواليس الاقتصاد الروسي تحت ضغوط الحرب والعقوبات

من ستيف روزنبرغ — رئيس مكتب شؤون روسيا في BBC

في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، اقترب مني أحد أعضاء البرلمان الروسي وسألني مبتسماً:

“هل أنتم ذاهبون لقصف إيران؟”

أجبته: “أنا لا أخطط لقصف أحد!”

فقال: “أعني أنتم البريطانيون…”

قلت له: “ألا تقصد دونالد ترامب؟”

أجابني بابتسامة: “إنه يتلقى الأوامر من بريطانيا… ومن الدولة العميقة.”

كانت محادثة قصيرة، غريبة في سياقها، لكنها كشفت أن الحاضرين في المنتدى هذا العام مشغولون بأكثر من مجرد الاقتصاد.

بوتين يتحدث عن حدود الجندي الروسي

يوم الجمعة، ألقى الرئيس فلاديمير بوتين كلمته الرئيسية في الجلسة العامة للمنتدى، التي ركّزت بشكل ظاهري على قضايا الاقتصاد.

لكن ما أثار الانتباه فعلاً كان تصريحه في النقاش اللاحق حين قال:

“لدينا قاعدة قديمة: حيث تطأ قدم الجندي الروسي، يصبح ذلك المكان لنا.”

من الملفت أن زعيم دولة تستضيف منتدى يهدف لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التعاون الاقتصادي، يتفاخر علناً باحتلال الأراضي الأجنبية. لكن في الواقع، منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، أصبح الاقتصاد مسألة ثانوية بالنسبة للكرملين أمام أولوية تحقيق النصر العسكري.

صحيح أن الاقتصاد الروسي حقق نمواً، لكنه جاء في معظمه نتيجة الإنفاق الحكومي الضخم على قطاع الدفاع والمجمع الصناعي العسكري. غير أن هذا النمو المرتبط بالحرب بدأ الآن يفقد زخمه.

مظاهر القلق تظهر بوضوح

بوتين حاول تهدئة المخاوف، قائلاً:

“بالنسبة لـ ‘مقتل’ الاقتصاد الروسي، كما قال كاتب شهير: شائعات موتي مبالغ فيها.”

لكن داخل أروقة الحكومة الروسية، كان التوتر واضحاً. فقد حذّر وزير التنمية الاقتصادية مكسيم ريشتنيكوف من أن الاقتصاد “يقف على حافة الركود”.

كما أوضحت محافظة البنك المركزي إلفيرا نابيولينا أن النمو الذي تحقق خلال العامين الماضيين جاء نتيجة تفعيل موارد غير مستغلة، لكنها أضافت: “يجب أن ندرك أن الكثير من تلك الموارد قد استُنفدت بالفعل.”

منتدى فقد بريقه

في الأصل، صُمم منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي ليكون واجهة مشرقة للاقتصاد الروسي أمام العالم. إلا أن آلاف العقوبات التي فُرضت على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا أفقدت الحدث الكثير من بريقه.

العديد من الشركات الغربية انسحبت من روسيا، وتحولت طاولة الاستثمار التي كان يفترض أن تعج بالشركاء الأجانب إلى طاولة يغلب عليها الحضور المحلي أو الحلفاء المحدودون.

خلاصة المشهد

الانطباع الذي خرجت به من المنتدى أن الكرملين مستمر في رهانه الكبير: الأولوية للحرب، والاقتصاد يتبع. لكن مع تقلص الموارد وتصاعد الضغوط الخارجية والداخلية، تبدو الهوامش المتاحة لهذا الرهان تتضاءل شيئاً فشيئاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى