المقالات

الشرقية بين هيئة التطوير والأمانة والنقل

لا يختلف اثنان على أن مدن المنطقة الشرقية تمتلك الكثير من المقومات والعناصر الجاذبة للسياحة، فجميع تلك المدن تحظى بتطور ملحوظ، وبنية تحتية متقدمة، وواجهات بحرية تمتد لمئات الكيلومترات. وحتى لو استثنينا الشواطئ الممتدة من الخفجي حتى الجبيل، ومن شاطئ نصف القمر حتى العقير، فإن المسافة بين الواجهات البحرية المطلة على هذه المدن، من شاطئ الجبيل شمالاً وحتى شاطئ نصف القمر جنوباً، تتخطى المائة كيلومتر.

ولو قدّر لأي شخص أن يزور أي واجهة بحرية من واجهات تلك المدن، لوجدها تتفوق بخدماتها على كثير من الواجهات البحرية في دول أخرى، بما في ذلك بعض الدول السياحية. وهذا ليس مجاملة، بل حقيقة لا بد من الإشارة إليها والإشادة بها. ومع ذلك، لم تستفد مدننا من هذه الميزة في الفعاليات المائية.

وما ينطبق على الشواطئ والمتنزهات ينطبق أيضاً على المناطق التجارية والسكنية، حيث البنية التحتية المتكاملة من شوارع وحدائق وإنارة ونظافة وأسواق جاذبة.

لكن… المشكلة التي تواجه الأهالي والضيوف تكمن في كيفية التنقل بين مدن المنطقة، بسبب عدم وجود بدائل عن التنقل بالسيارة.

وقد تابعت بودكاست مع المهندس مازن بخرجي، وكيل أمين المنطقة الشرقية، ومن قبله اللقاء الشهير مع معالي الأمين المهندس فهد الجبير، واللذين سلطا فيه الضوء على الأفكار المطروحة للتعامل مع قضية تسهيل التنقل بين مدن المنطقة. وقد أعجبني ما طرحاه، خصوصاً فكرة التنقل البحري والاستفادة من ميزة الساحل الممتد الذي يربط بين المدن. وتخيلت لو أن فكرة التنقل عبر التاكسي البحري، والعبّارات الترددية، وقوارب الركاب قد تحققت، فكم ستضيف من عوامل جذب للسياحة والتنزه والتسوق!؟ وكم ستخفف من مشاكل الازدحام والحوادث على الطرق الرابطة بينها!؟

أدرك أن تنفيذ هذه الأفكار يقابله تحديات لوجستية وتنظيمية، تتطلب تعاوناً كبيراً بين الجهات ذات العلاقة، مثل تجهيز موانئ صغيرة كمحطات لنقل الركاب، والعوّامات المخصصة لنقل المركبات، وغيرها من المتطلبات التنظيمية. ومع أن هذه التحديات ليست بالسهولة التي قد نتخيلها، إلا أنه وأمام رؤية وطنية لا تعرف المستحيل، يصبح التنفيذ ممكناً إذا ما تعاونت الوزارات المعنية، وبالأخص أمانة المنطقة، وهيئة تطوير الشرقية، وحماية البيئة، والموانئ، والنقل، والجهات الأمنية المختصة، وبدعم من رجال الأعمال والشركات الكبرى، وفي مقدمتها شركة أرامكو.

كل ما سبق لا يُعفي وزارة النقل والخدمات اللوجستية، فالمنطقة بحاجة ماسّة إلى طرق دائرية تربط مدنها، لا دائري واحد لم يكتمل منذ سنوات. ناهيك عن أهمية مضاعفة عمل الشركات المنفذة لمشاريعها، واختصار مدة التنفيذ، خاصة في المشاريع الصغيرة التي – وللأسف – تشكّل نقاطاً اختناقية على الطرق الرئيسية وتشتت النجاحات التي تحققها وزارة النقل في السنوات الأخيرة.

ولعلني أخصّص مقالاً قادماً للحديث عن الطرق في الشرقية، وعن المترو، والقطار، والنقل الجماعي، وغيرها من وسائل النقل التي تحتاجها المنطقة بشكل عاجل.

ولكم تحياتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى