لم يَبقَ الكثير مما يمكننا قوله أو الحديث عنه فيما يتعلق بالفواجع التي تخلفها الحوادث المرورية، فهي لا تزال تُشكّل أرقامًا عالية يذهب ضحيتها شباب وشابات يمثلون مقدرات الوطن من أبنائه في مختلف الأعمار.
والمؤسف أن يحدث هذا في وقت تتقدم فيه أنظمة السلامة المرورية، وفي الوقت الذي تعمل فيه الجهات ذات العلاقة على تطبيقها للحد من الأرقام المؤسفة والقضاء على الممارسات الخاطئة في القيادة.
ورغم هذا الواقع نزداد يقينًا أن الوطن الذي يراهن على المستقبل لا يزال لديه الكثير مما يمكن أن يفعله للحفاظ على مقدراته، حيث يشكّل الإنسان المورد الأهم. وقيادتنا الرشيدة تؤكد دومًا حرصها على وضع وتنفيذ الاستراتيجيات التي تعزز أهداف السلامة المرورية. فيما تشير أهداف التنمية المستدامة، وعوامل التمكين، إلى تلك الفرص المتاحة في ظل الثورة التقنية التي تعيشها المملكة، وما يطرحه الذكاء الاصطناعي من حلول ذكية لكل مشكلات الحاضر، خصوصًا فيما يتعلق بتقييم سلامة الطرق، وتحليل مشاكلها، وفلترة البيانات، والتحليل العشوائي لها، والحلول الذكية لتقليل عدد الحوادث والوصول إلى “صفر وفيات” عبر تبني مبادرات مثل Vision Zero.
كما سيشكّل العمل على تحليل الكاميرات للوقاية من الحوادث، وتقنيات الكاميرات ثلاثية الأبعاد السحابية وتحليلها، إلى جانب استخدام التكنولوجيا التنبؤية التي تركز على المنهجيات الوقائية قبل وقوع الحوادث، أدواتٍ داعمة وفعّالة لتحقيق رؤيتنا في مجال السلامة المرورية.
ونُشير هنا إلى مخرجات الملتقى والمعرض الدولي للسلامة المرورية الذي احتضنته جامعة الإمام محمد بن سعود، والذي أفرز العديد من الحلول وطرح الكثير من التجارب التي يمكن مواءمتها وتوطينها محليًا.
ولكي تظل التجربة السعودية مصدر إلهام، فنحن نتطلع إلى وعي مجتمعي يجعل من كل الحلول التقنية مجرد أدوات تديرها عقول واعية، محاطة بوعي جمعي من مستخدمي الطرق كافة، يترجمون فيه رُقي الوطن بممارسات وسلوكيات القيادة الآمنة التي تجعل رحلة استخدام الطرق رحلة ممتعة، تفيض جنباتها بأفعال الذوق العام في القيادة. فالتقنيات وأنظمة النقل الذكية لن تؤتي أكلها ما لم يكن قائد المركبة هو الحلقة الأهم في معادلة السلامة المرورية.
وتأتي جهود مختلف الكيانات الإعلامية والثقافية والاجتماعية كأحد أهم عوامل الحسم لنجاح أي مشروع وطني من هذا النوع. وتظل جهود صحيفة مكة الإلكترونية، وعلى رأسها الصديق عبدالله الزهراني، نموذجًا رائدًا في قيادة التنوير وحمل راية صناعة الوعي، وهي جهود محل تقدير كل منصف.
ولعل في إطلاق حملة #قيادتك_وعي تأكيد على هذا الدور الوطني الرائد الذي يضطلع به الإعلام لتحقيق أهداف التنمية المستدامة






