قدمت جائزة الباحة للتصوير 2025م محتوى مرئيًا متميزًا عن الهوية السياحية الغنية في الباحة، من خلال فيلم همسات الذي كتب نصه توفيق غنام، وتولّى التصوير والمونتاج والتعليق الصوتي والإخراج محمد بن دخيل الله.
اشتمل العمل على جماليات متعددة جعلت منه نموذجًا جيدًا في الإنتاج المرئي، واستحق أن تحتفي به شركة “ريد سيركل” في أمسية حوارية تخللها عرض الفيلم وتحليل اتصالي لمحتواه من الحضور والمهتمين.
وقد توقفت عند العديد من التقاطاته عبر ورقة عمل مقتضبة تناولته اتصالياً:
1- بدأ الفيديو من القلعة الحجرية، وهو مدخل ذكي جدًا لرمزية العراقة وجمال الطبيعة في المنطقة، وتوظيف لمفردة همسات.
2- قوة هذا الفيديو في جمالية تصوير الطبيعة الخلابة التي تتحلى بها منطقة الباحة. البعض لا يعرف أنها منطقة متنوعة بشكل ملفت؛ فيها سهول وجبال ومنحدرات وأودية وكهوف وتكوينات صخرية مميزة، وغور تهامي وطعوس ورمال.
3- الصوت الاستهلالي للفيديو جمال آخر من الإبداع، حيث دخلت “الحداوي” – وهو فن محلي – على موسيقى بمزج عصري جميل جدًا، صنع وجدانًا مرتبطًا بالمنطقة. وهو توظيف ذكي للبُعد الروحي، وليس الفني فقط.
4- الفيديو قدّم الأزياء المحلية والقلاع والحصون، وشخصيات من فئات عمرية مختلفة، وكذلك بتواجد حضوري نسائي ورجالي.
5- خلال مدة الفيديو، التي امتدت إلى دقيقتين، تم إبراز كثير من اللوحات الفنية ما بين شمولية إبداعية ورمزية ذكية في توظيف تراث وثقافة المنطقة.
6- اشتمل الفيديو على رسائل إعلامية ذكية تتعلق بالممارسات اليومية للناس أثناء تجوالهم وفي أوقات فسحهم، وما وفرته لهم الجهات ذات العلاقة من بنية تحتية وممكنات جعلت النزهة رحلة استمتاع رائعة، وهم يمارسون رياضة المشي وصعود الجبال والتأمل من أعاليها نحو الغور التهامي البعيد والبديع.
7- السرعة في الانتقال، وتوظيف الموسيقى، وتنوع اللقطات، وتعدد المواقف والأصوات أعطت بُعدًا حيويًا جدًا عن المنطقة، وجمالها الزراعي والثقافي والطبيعي والتراثي والموسيقي والشعبي. كما جرى توظيف مفردة همسات لنقل شعور بالدهشة. فيما جاءت اللغة معبّرة وشاعرية ووصفية، تضافرت مع الرؤية البصرية لخلق سردية بصرية لا ينقصها الجمال ولا يخل بإيقاعها.
8- أعتقد أن هذا الفيديو قد يكون مثالًا مميزًا لكافة المناطق المختلفة في كيفية جمال الإخراج، واختيار وتوظيف الميّزات النسبية الثقافية والتراثية، وتوظيف الرسائل الإعلامية الذكية لخلق صورة إيجابية عن المكان وتعزيز هويته الثقافية في عين المشاهد.
9- فريق العمل حاول الذهاب بالفيلم بعيدًا؛ حيث ترجمه إلى الإنجليزية الشاب تركي الزهراني، وإلى الفرنسية الأستاذة سميحة من دولة الجزائر، وهذا يصعد برسالة الفيلم نحو مضامين تخرجه من نطاقه المحلي إلى نطاق عالمي.
وفي الوقت نفسه، صنعت الأمسية الحوارية التي تناولت الفيلم مساحات جديدة للرؤى التي تقاطعت مع المحتوى وأثنت على جماليته، كما توقفت عند فرص التحسين؛ حيث لوحظ غياب الأكلات الشعبية – وهي شديدة التنوع في منطقة الباحة – وكانت ستشكل إضافة قوية لمشهدية الفيلم.
كما ذهب البعض إلى أن اللحن المصاحب لبعض اللقطات لم يكن نقيًا بما يكفي؛ ومنهم الشاعر عبدالعزيز أبو لسه الذي لم يتصالح مع اللون الذي تم اختياره كموسيقى تصويرية، مفضلًا تضمين العزف المنفرد للناي والصفريقا، واختيار لحن محلي بحت مثل طرف الجبل والمسبحاني، مضيفًا لون الدوهاي الذي أتقنه رعاة المنطقة.
ويظل خلف جلال تلك الصور التي تشكلت عبر الزمن – من خلال علاقة إنسان الباحة بأرضه – محتوى يفيض عذوبة، كما قدّمه محمد بن دخيل الله وتوفيق غنام






