المقالات

زيارة سمو ولي العهد للبيت الأبيض: العلاقات السعودية – الأمريكية في أزهى عصورها!

يشهد الثامن عشر من نوفمبر هذا العام حدثًا سياسيًا هامًا، حيث يشهد البيت الأبيض لقاءً تاريخيًا يجمع صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان بفخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارة عمل رسمية، وهو اللقاء الثاني الذي يجمع الزعيمين الكبيرين في البيت الأبيض في غضون سبع سنوات بعد زيارة سموه الأولى عام 2018، والرابع الذي يجمعهما منذ ولاية ترامب الأولى. وتهدف الزيارة بشكل أساس إلى تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وتعزيز وتطوير العلاقات بينهما إلى أعلى المستويات.
ويجمع المراقبون على أن ذلك اللقاء يكتسب أهمية خاصة لأنه يعقد في ظروف دولية استثنائية. وتأتي زيارة سموه بعد سبعة أشهر من زيارة الرئيس ترامب للرياض في شهر مايو الماضي. ويلاحظ أنه في زيارتي ترامب الأولى والثانية في فترتي ولايته الأولى والثانية كانت المملكة المحطة الخارجية الأولى في سلسلة زياراته الخارجية. وهو ما يحمل دلالة واضحة على تميز العلاقات بين البلدين الصديقين التي تضرب في جذورها إلى أكثر من ثمانين عامًا. ويذكر أنه في خلال زيارة الرئيس ترامب الثانية للرياض في مايو الماضي، وافقت الولايات المتحدة على بيع صفقة أسلحة للسعودية تبلغ قيمتها نحو142 مليار دولار، وتم خلال الزيارة التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائية الأخرى.
ويذكر أن زيارة سموه لواشنطن ولقائه التاريخي مع الرئيس دونالد ترامب في أبريل 2018 والتي استغرقت ثلاثة أسابيع، شهدت توقيع اتفاقيات وشراكات اقتصادية وتجارية، ومذكرات تفاهم عديدة بين البلدين، إلى جانب تعزيز الاستثمارات، وتعميق أواصر الصداقة المبنية على الشراكة الاستراتيجية. وعنون وقتها الكاتب المعروف في صحيفة “واشنطن بوست” دافيد اجناتيوس مقالته في صحيفة “واشنطن بوست”بـ :”أمير شاب يعيد تصوير المملكة… فهل لرؤيته أن تصبح حقيقة؟”، واسترسل في مقالته: “بعد مرور عامين على حملته كمحفز للتغيير في المملكة العربية السعودية النفطية المحافظة، يبدو أن سمو الأمير محمد بن سلمان بدأ العمل بثقة، واضعًا نفوذه للدفع بجدول أعماله للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي”، مضيفًا : “لقد تحدث الأمير محمد بشكل تفصيلي حول مواضيع عدة مثل السياسة الخارجية وغيرها من الخطط الداخلية ، مؤكدًا أن عنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات”.
ومن المتوقع أن تسفر زيارة سموه المرتقبة إلى واشنطن عن توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين الصديقين في مجالات الذكاء الاصطناعي والدفاع والتعاون النووي والتجارة، إلى جانب التوصل إلى اتفاقية للدفاع المشترك، وغيرها من الاتفاقيات الأخرى.
وكشفت مجلة «نيوزويك» الأمريكية، أن السعودية تفاوض إدارة ترمب على معاهدة دفاعية تلزم واشنطن بمعاملة أي هجوم على السعودية باعتباره تهديداً أمنياً للولايات المتحدة. وأفادت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية، أن الاتفاق السعودي – الأمريكي سيعمّق التعاون العسكري والاستخباري بين البلدين. وقالت إن هناك آمالا في أن يوقع البلدان اتفاقية للدفاع المشترك خلال الزيارة،
وإنه ستكون لهذا الاتفاق انعكاسات كبيرة على استقرار منطقة الشرق الأوسط،. ويذكر أن اتفاقية الدفاع المشترك هذه لم يتم الحديث عنها عقب العدوان الإسرائيلي الأخير على قطر الذي استهدف مقر قيادة حماس في الدوحة، بل تردد القول حولها منذ فترة طويلة حيث أمضت المملكة عدة أشهر في التفاوض بشأنها في عهد إدارة بايدن، وتكررت المفاوضات مع إدارة ترامب قبل أكثر من نحو عام. وتشير كافة التوقعات إلى أنه سيتم التوقيع على هذه الاتفاقية خلال زيارة سموه المرتقبة إلى واشنطن.
وكما أنه يمكن اعتبار زيارة سموه للولايات المتحدة الأمريكية عام 2018 نقطة تحول هامة في مسار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين على المستويين الرسمي والشعبي، فإن العديد من المراقبين ينظرون إلى زيارة سموه المرتقبة للبيت الأبيض بأنها ستحمل العديد من الملامح الجديدة في شكل وجوهر تلك العلاقات بما يضع المملكة الحليف الأول للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط مع فتح آفاق أرحب في مظاهر التعاون بين البلدين، وإجراء تعديل على المعادلة التي ظلت تحكم العلاقة بين البلدين: النفط مقابل الأمن، لتلائم التغيرات الجديدة التي فرضتها رؤية 2030، لاسيما بعد أن أصبحت المملكة قوة سياسية واقتصادية لا يستهان بها في الخريطة الدولية ورقمًا صعبًا في أي معادلة دولية.

د. إبراهيم فؤاد عباس

مؤرخ ومترجم وكاتب - فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى