المقالات

ولي العهد السعودي في واشنطن:زيارة تحمل رسائل إستراتيجية تتجاوز الجغرافيا

اسطنبول

تتجه أنظار العالم إلى الزيارة التاريخية التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء إلى واشنطن لما تحمله من أبعاد سياسية واقتصادية ودبلوماسية قد تعيد تشكيل ملامح المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط.
فالزيارة التي تأتي في توقيت شديد الحساسية إقليميا ودوليا ليست مجرد حدث بروتوكولي، بل محطة استراتيجية ينتظرها الجميع لرصد مخرجاتها ورسائلها وتأثيرها على التوازنات العالمية نظرا لحجم الملفات المشتركة بين السعودية والولايات المتحدة، وتوقيت الزيارة، والسياق الإقليمي والدولي الذي تأتي فيه.
ومن المتوقع أن تتركز مباحثات ولي العهد السعودي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ملفّات أمنية حساسة حيث سيتصدر الاتفاق الدفاعي قائمة الملفات، حيث تسعى المملكة إلى تطوير قدراتها العسكرية عبر الحصول على ضمانات أمنية أمريكية أوسع، وصفقات تسلّح أكثر تقدما تشمل الحصول على مقاتلات “إف-35” الأمريكية ومنظومات دفاع جوي متطورة.
هذا الملف يُنظر إليه ضمن “رؤية 2030″، التي تركز على تعزيز وتنويع قدراتها الدفاعية والارتقاء بمنظومة الردع الوطنية.
كما تأتي الملفات الإقليمية على رأس أولويات النقاش، بما فيها الملف الفلسطيني ومستقبل الاستقرار الإقليمي. وتدرك واشنطن أن السعودية لاعب رئيسي لا يمكن تجاوز دوره في صياغة أي ترتيبات أمنية في المنطقة.
وفيما يسعى البيت الأبيض إلى دفع الرياض نحو مسار التطبيع مع إسرائيل لا تبدو الرياض مستعدة حاليا للمضيّ قدما في هذا المسار، لا سيما أنها تقود مسعى دوليا لإقامة دولة فلسطينية، وهو شرطها المعلن لتطبيع العلاقات بتعبير آخر (لن يكون هناك أي تطبيع طيلة عام 2025)….
أما الجانب الإقتصادي هو الأكثر قابلية للإنجاز إذ تتجه النوايا نحو عقد شراكات كبرى في قطاعات التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، البنية التحتية، وصناعة الدفاع. كما تعتزم السعودية توسيع استثماراتها في السوق الأميركية، في خطوة تعزز نفوذها الاقتصادي العالمي وتخدم أهداف رؤية 2030.
وأخيرا,, من المتوقع أن تضع زيارة سمو ولي العهد السعودي اللبنات الأساسية لمرحلة جديدة من التعاون الأمني والاقتصادي ستستفيد الرياض من دعم واشنطن لتأكيد دورها كلاعب استراتيجي في المنطقة.
وباختصار,, الزيارة تؤكد قدرة السعودية على إدارة علاقاتها الدولية بحنكة في ظل شرق أوسط ملتهب خاصة على صعيد القضية الفلسطينية ومواصلة لعب دور استراتيجي محوري في الشرق الأوسط والعالم.

طه عودة أوغلو

باحث بالعلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى