حوارات خاصة

حي المسفلة ماضى تليد وتاريخ مشرق بالإنجازات والمشاريع التطويرية‎

محمد رابع سليمان – مكة المكرمة

كانت مكة المكرمة في العصور القديمة تنقسم إلى قسمين معلاة ومسفلة والجزء العلوي لمكة المكرمة بدءً من من الجهة الشمالية للمسجد الحرام يسمي معلاة ومن الركن اليماني للكعبة المشرفة يسمي مسفلة ، ورغم التقسيمات الأخيرة التي قامت بها أمانة العاصمة المقدسة في إعادة تسمية الكثير من الأحياء وحاولت تضييق مساحة هذا الحي إلا أن السكان الأصليين من أبناء مكة لا يزالون متمسكين بالمسميات القديمة للحي وقد احتفظ حي المسفلة بعراقته ومكانته وتوسعت حدوده من حيث المساحة وزاد عدد ساكنيه ، ولا يزال الحي يعتبر واحدا من أكبر الأحياء المكية عراقة واحتضاناً للسكان من أبناءه القدامى الذين أنتشروا في مخططات مكة المكرمة بسبب مشاريع التوسعات وأضطر البعض لبيع عقاره بملايين الريالات ليضحي بالسكني في الحي التاريخي مقابل التوسع في المسكن ، وفي المسفلة الكثير من المواقع التاريخية التي أندثرت مع المشاريع والتوسعات التي تشهدها مكة المكرمة في هذا العهد الزاهر.. حيث كانت في المسفلة دار أبي بكر الصديق وفيه ولد عمر .

وتحفل المراجع التاريخية بذكر الكثير من الآثار والأماكن التي لا تزال باقية ومعروفة حتى اليوم رغم التطور العمراني الذي شهدته العاصمة المقدسة علي مدي القرون الماضية خاصة في عهد الدولة السعودية حيث نالت مكة المكرمة من الرعاية والاهتمام ما لم تنله علي مرَّ العصور .

ولا يزال حي المسفلة محافظاً علي بعض معالمه وخصائصه من الأزقة والشوارع القديمة التاريخية ولاتزال بمسمياتها كشارع ابراهيم الخليل الذي يمثل طريق وادي إبراهيم الخليل عليه السلام الذي سار فيه وسمي وادي ابراهيم بهذا الاسم منذ (4200عام) ، والمواقع التي سار فيها المصطفي صلي الله عليه وسلم وشارع حمزة بن عبدالمطلب.

دار ابوبكر الصديق

ومن أهم المواقع التاريخية في حي المسفلة شارع ابوبكر الصديق الذي كانت تقع فيه داره وجبل عمر الذي ولد فيه عمر بن الخطاب ويجري حالياً تنفيذ مشروع جبل عمر السكني التجاري في الموقع وقد وعدت الجهة المطورة بالحفاظ علي خصائص الحي التاريخية ، ومنازل الصحابة رضوان الله عليهم أمثال طلحة ابن عبيدالله وعبدالرحمن بن ابي بكر كما كان يضم مزرعة معاوية بن أبي سفيان ،وسكن هذا الحي التاريخي أكثر من(150) عائلة من قريش وغيرها من القبائل في الجاهلية، وكما كان هذا الحي عريقاً في ماضيه ، لايزال زاهرا في حاضره حيث يضم أسر وعوائل مكية كبيرة منهم العالم والوزير والسفير والقنصل والداعية والمدير وقد ساهمت بفاعلية في نهضة هذه البلاد الطاهرة.

ويقول المؤرخ الشيخ راجح بن علي الكريمي العبدلي: كانت مكة المكرمة تنقسم الى قسمين معلاة ومسفلة ، المعلاة تبدأ من جزء الصفا وتشمل جزء من الكعبة المشرفة ، والركن اليماني للكعبة يعتبر من المسفلة وإذا مددت خطاً من الصفا إلي محاذاة الكعبة الجنوبي إلي الجبل الأحمر وهو موقع فندق مكة قبل التوسعات الأخيرة للساحات الشمالية التي أمربها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتجري هذه الأيام ، وهو جزء من القيقعان إلي كدّي ومن الصفا إلي جزء كبير فيما يسمي بالعزيزية إلي جمرة العقبة وما نزل عن هذا الخط فهو مسفلة وما علا عن هذا الخط فهو (المعابدة) .

ويضيف المؤرخ راجح العبدلي إن ما يسمي الآن بجرول وشارع المنصور ووادي طوي وجزء من التيسير حتى امتداد المسجد الحرام كله من المسفلة. وينقسم هذا الحي التاريخي إلي قسمين شمالي وجنوبي فمثلاً وادي إبراهيم ووادي طوي وهو ما يسمي الآن بشارع المنصور يعتبر المسفلة الشمالية وما يسمي بالعزيزية الآن كان يقال (المِفجَر) بكسر الميم وفتح الجيم وفي رواية أخري بفتح الميم والجيم ، وهذه من حدود المسفلة حتى جبل حبشي ويسمونه الآن الراقد وقبل الراقد قوز من الرمل يسمونه دف الراقد وكل قوز ممتد يقال له في اللغة دف ،،وتروي كتب التاريخ أنه سمي بهذا الاسم لأن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق كان يسكن فيه في الإسلام ومات وهو نائم فيه ،،، وعبدالرحمن بن أبي بكرالصديق هو شقيق لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنه ، ومنذ أن مات فيه عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق نائماً سمي بدف الراقد وروي أيضاً أن تسمية حي المسفلة بهذا الإسم لأنه أسفل مكة المكرمة وكان في الجاهلية يسكن هذا الحي قبيلة (قطورة) .

ويشير العبدلي الى أن حي الشبيكة والهجلة جزء من المسفلة وكان يسكن بالشبيكة قبائل بني عدّي وهي قبيلة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والخليفة عمر ولد تحت سفح جبل (الغافد) وهو إسم جاهلي وسمي جبل عمر المعروف حالياً والذي يشهد مشروعات عملاقة لتوسعة المنطقة المركزية للمسجد الحرام ، كانت أمة لسيدنا عمر بن الخطاب تسكن الجبل ، وعن أشهر سكان حي المسفلة في الجاهلية قبل الإسلام سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه وبنو عدّي وبنو تيم كانوا من القبائل التي سكنت المسفلة ، كما سكن الحي في العصر الإسلامي خزاعة وهذيل وبني هاشم وفي القرن السابع الهجري قدم ملك التكرور من أفريقيا والتكارنة من أقدم الجاليات الموجودة في مكة المكرمة ولهم باع طويل ومشاركة فاعلة في تأسيس وتكوين جوانب كثيرة من حياة المجتمع المكي وقدموا من نيجيريا وغانا عندما كانتا دولة واحدة وهي إمبراطورية (سنغاي) وهذا في زمن الإمام السيوطي وبعدها قدمت جالية قليلة من البنغال كما قدمت جاليات من مصر .

ومن سكان المسفلة حمزة بن عبدالملك وهو الوحيد من بني هاشم الذي كان يسكنه ثم سكن بنو هاشم في ما يسمى بدحلة الرشيد ومنطقة الكعكية بالمسفلة كانت تسمي المغش وفي حي المسفلة توجد مزرعة معاوية بن ابي سفيان التي مانت تشرب من بركة (ماجل) وكانت البركة موجودة إلي عهد قريب والماجل هو المستنقع من الماء وكانت مزرعة معاوية تمتد من منتصف بركة ماجل حتى منتصف حديقة المسفلة حالياً .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com