المقالات

صرخة تحذير للأسرة العربية

كانت الأسرة العربية بمثابة طوق الأمان للأطفال. وحمايتهم، ودرايتهم، وتربيتهم، وتعليمهم، وتثقيفهم، والحفاظ عليهم جسديًا وصحيًا، وعقليًا، وكانت بيوتنا قديمًا مملوءة بالمحبة والمودة التي تجمع أفراد الأسرة الواحدة، وكانت المحبة هي الحاكم العام لعلاقات الأفراد فيما بينهم. 

حيث كانت كلمة الوالدين هي بمثابة مبادئ نمثل لها فورًا دون تردد، وكانت المصداقية هي أول أدوات الحب التي لم تعد موجودة في عصرنا الحالي، عصر العولمة التي قضت على مشاعرنا، وأصبح الأب لا يستطيع أن يسيطر على إدارة الأمور في أسرته، والأم ضاعت في زحام مشاكل الأسرة والعمل. 

وأصبحنا متأكدين تمامًا بانهزام سمات مجتمعنا القديمة والنتيجة أبناء تائهون ضائعون بين الفضائيات وألعاب الفيديو التي ساعدت على تدمير البراءة في أنفسهم وشخصيتهم، الأمر الذي ساعد في اكتساب الطفل العربي لميول عدوانية أثرت سلبًا على تكوينه الفكري، فالطفل يصدق ما يشاهده مهما كان خياليًا ويتأثر به حتمًا؛ إضافة إلى تعامل الفضائيات مع قضايا الطفولة بمفهوم سطحي وغير هادف. 

وغاب عن المسؤولين في الفضائيات العربية أن وسائل الإعلام وخاصة التليفزيون يؤثر في الشخصية سلبًا أو إيجابًا خاصة أن هناك برامج تؤثر في عقلية المشاهد الذي يتعايش مع ما يشاهده في الفضائيات بشكل واقعي.

فنلاحظ غرس المفاهيم الخاطئة في نفوس الأطفال من خلال البرامج التي تنقل عاداتِ وثقافاتِ الشعوب المختلفة، فبعض هذه العادات لا تتناسب مع مجتمعنا. وإصابة الطفل بالازدواجية نتيجة ما يراه في هذه الوسائل من معلومات وبين ما هو موجود في مجتمعه. وغرس العنف والكراهية في نفس الطفل نتيجة ما يشاهده في الأفلام من شخصيات خرافية ومخيفة وعنيفة، وكل هذه الأشكال والمشاهد تترسخ في عقل الطفل وتُسبب له الأرق، ومشاهدة الكوابيس، والأحلام المزعجة، وقد يقوم الطفل بتقليد هذه المشاهد مما يؤدي إلى حصول حوادث مؤسفة، وإنتاج جيل لا يتحمل المسؤولية، ويبحث عن ملذاته ومتعته، ويفتقد إلى أسس التربية السليمة.

لذا يتوجب على المسؤولين أن يدركوا هذه المسؤولية، ويبادروا بخطوات إيجابية تعود فوائدها على الطفل العربي أولًا وعلى الأسرة العربية ثانيًا، وعلى المجتمع العربي ثالثًا وأخيرًا. 

وما أروع الشاعر حين قال:

ولا بنيات كزغــــــــــب القطـــــــا

حططـــــــن من بعـــض إلى بعض

لكـــــــــان لي مضطرب واســـــع

في الأرض ذات الطول والعرض

وإنما أولادنـــــــــــا بيننـــــــــــا

أكبـــــــــــادنا تمشي على الأرض

إن هبــــــــــت الريح على بعضهم

لم تشــــــــــــبع العين من الغمض

• عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين

• عضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب

• سفيرة الإعلام العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى