المقالات

فروق

إلصاق التهم جزافًا غير مجدية ، والعداء بين طرفين لايعني التجني في كل صغيرة وكبيرة ، وعلى العقل الواعي تدارك ما يحيط به من أحداث ؛ يحلل ويتأمل ويبرهن ، وإلّا لأصبح بوقًا ناطقًا ، وببغاءً مرددًا ، وكما أن العقل له قدراته ، كذلك الوجود القلبي له أداته في التفكير النمطي وغير النمطي ، ويجدر بالمتأمل الإفصاح عن مكنونات نفسه بدهاء ، وأن يقدّم العقل على كبوات اللسان ، وأن يضع الأمور في نصابها والكلمة في مكانها .
وجماعة ما يسمى بـ(الإخوان المسلمين ) – مع تحفظي الشديد على التسمية – دأبت على الخراب ، حالها كحال حركات التمرد عبر التاريخ الطويل ، وهم يسمون أنفسهم بأسماء مشتقة من الدين ، والدين منها براء ، مثل :
” حزب الله ، أنصار الله ، جماعة الإخوان المسلمين ، حزب العدالة والتنمية ، وغيرها من الأسماء التي يطول المقام لشرحها ولا يتسع ، وكلها ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب ، والعذاب لمن ؟
إنه لبني جلدتهم ، الذين يشتركون معهم في الدم والدين واللغة ، والناظر لتسمية هؤلاء يجدهم أفعالًا على العكس تمامًا ، فهم ليسوا بأنصار لله ؛ بل للشيطان ، ولا جماعة مسلمين ؛ بل خوارج وضـد كل نجاح ، ولا حزب لله ؛ بل للطاغوت ، ولا حزب للتنمية، إنما للخراب وإشاعة الفوضى ، وكل فرقة من تلك تحقق أجندة جهاز خارجي أجنبي وتبارك قراراته التي بُيتت بليل في غرفة مظلمة .
ولكن لي وقفة تأمل ، فعندما أتصفح كتابات بعض كتاب الرأي والمحسوبين على السياسة ، أجد بعض التجني وإطلاق الأحكام جزافًا وبلا هوادة ، فعين البصير والناقد الحصيف هي التي لا تكذبه ، وعقله ميزان الإدراك ومحور التعقل والتمايز ، وأنا هنا لا أدافع عن حزب مارق ، أو جماعة خارجة ، إنما أنظر بعين الحكمة والإنصاف ، وعدم الخلط الذي قد يشط ولا يُدْرَك ، ويذهب ولا يعود .
ومما لفت نظري في خضم هذه الحملة “التويترية والفيس بكية “، التي تندد بفعل الرئيس الفرنسي وتجنيه على الإسلام ، هو الوقوف بين فريقين : الأول يدافع عن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ، والآخر ألصق التهم بأنهم إخوان ويدعون للمقاطعة ، فهل كل مَن يدافع عن الإسلام إخواني ؟ وهل عرى الإسلام تختزل في حزب أو حركة ؟ ولماذا بدأت الأمور تأخذ منحى الطريق المنحدرة ؟ وأين صوت العقل في زحام المغردين ؟ وكيف نفرق بين صوت العقل والحكمة وصوت الثرثرة والفوضى ؟
علينا أن ندرك تمام الإدراك ، ونعرف حق المعرفة بأن ديننا الحنيف واضح كل الوضوح ، ونبي الرحمة صلى الله عليه وسلم لم يترك خيرًا إلّا دلنا عليه ، ولم يترك شـرًّا إلّا حذرنا منه ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ، وما أخشاه من بعض الكويتبيين أن تأخذهم الحماسة ويعدون الأركان الخمسة من فعل الإخوان ، وهنالك تبلو كل نفس ما أسلفت ، فحذار حذار من القفز على الثوابت بدعوى الحماس والغضب من جهة تتمسح بالدين ، ومسئولية النقد تكون في حدود المنقود ، ولا ينبغي الخلط واعتساف الأمور ، فالحلال بيّن والحرام بيّن ، وإياي وإياكم الوقوع في المتشابهات ، فالدين منصور من مشرّعه ، وسيبلغ الآفاق شاء من شاء ، ولكن نحن المسلمين علينا الرأفة بأحوالنا ونتقي المزالق والشبهات ، كتابًا ومتحدثين ، وصدق الحق حيث يقول ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد﴾.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. جزاك الله خيرا دكتورنا الفاضل فعلا الحاجة تدعو للروية و عدم التسرع في الرد الأعداء كثر و الأمة الإسلامية بحاجة للتماسك أكثر مما سبق

  2. جزاك الله خير الجزاء على هذا الطرح الرائع.. فعلا التأني في الحكم على أمر ولو لفترة بسيطة ليتضح.. خير من الندم لدهر.
    لافض فوك يادكتورنا الفاضل

  3. إلى الأمام ياوالدي
    الحبيب
    انت فخرا لي وقدوتي في الحياه

  4. إلى الأمام ياوالدي الحبيب
    انت فخرا لي وقدوتي في الحياه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى