عبدالله غريب

لا عسير في عسير وكل عسير يسير

كنت في معية الصديقين رجل الأعمال الاستاذ علي بن قشاط الغامدي والدكتور عبد الواحد بن سعود الزهراني في رحلة بريّة إلى منطقة عسير وبالتحديد في مدينتي أبها وخميس مشيط للمشاركة في مناسبة اجتماعية وكانت فرصة ونحن نعيش فصل الشتاء البارد للاطلاع على هذه المنطقة من خلال هاتين المدينتين وبعض المحافظات في تهامة والسراة فكان الذهاب عن طريق تهامة مرورا بمدينة محايل عسير وما قبلها من محافظات من بعد محافظة المخواة التابعة لمنطقة الباحة وكانت العودة عن طريق الحجاز عبر الطريق المزدوج مروراً بباللحمر وباللسمر والنماص وتنومة وسبت العلاية والأدمتين في البشاير وعشرات القرى حتى وصلنا محافظة بالجرشي التابعة لمنطقة الباحة وكان ضمن برنامجنا التجول في يومين فقط لأكثر من مكان وموقع ليس لمعرفة الفروق بينها وبين المناطق السياحية الأخرى فلكل منطقة ظروفها وإمكاناتها ومدخلاتها ولكن من باب المقارنة بالنسبة لي أنا شخصياً بين زمنين عشتهما وكنت شاهد على عصرهما الذي يقع بين عامي ( ١٣٩٥- ١٤٤٣ هـ ) عندما زرتها في هذين التاريخين لنقف على الفارق بين الثرى والثريا ولا ننسى أن ننسب الفضل لأهله ممن تسنم هرم إمارتها بدءا من مهندسها الأول سمو الأمير خالد الفيصل الذي قال : لا أبهى من أبها ولا عسير في عسير وانتهاء بمتوج نهضتها سمو الأمير المتواضع تركي بن طلال الذي قال : كل عسير يسير ، الذي رفعت له سلامي في قصيدة شعبية لي القيتها في تلك المناسبة الاجتماعية جاء فيها :
سلّموا لي على تركي وقولوا لتركي حن وصلنا
أبهرتنا عسير بتنميتها وحسن جمالها 

مع حفظ اللقب لسموه الذي عرف عنه التواضع وجعله نهج حياة لنفسه ولكل المسؤولين في عسير .

طبعا هناك ورشة عمل في تهامة ومثلها في السراة تتسق مع خطط إمارة المنطقة واستراتيجيتها تحت إشراف ومتابعة مباشرة من سمو أميرها تركي بن طلال الذي عادة ما يطلق مبادرات في كل مناسبة يرعاها ويحضرها تدعو لعدم التفريق بين المواطن والمسؤول الذي وصل لمنصبه لخدمة المواطن وليس للتعالي عليه بأي حال من الأحوال وكأنه يطبق لا فرق بين الناس إلا بالعمل الجاد بعيدا عن التنمر الوظيفي بين الأعلى والأدنى بل بما يقدم كل منهما لخدمة الجهاز الذي يعمل به ويصب في النهاية لمصلحة الوطن والمواطن انطلاقا من توجيهات القيادة الحكيمة التي توجه بفتح الأبواب وتحث وتسعى جاهدة لإسعاد السكان والمكان وصناعة الإنسان وهذا ما رأيناه ونراه كل يوم على مستوى الوطن وعلى مستوى عالمي من خلال ما يحقق الإنسان السعودي في أي دولة يعمل بها أو يبتعث إليها وهم يعتلون منصات الشرف ويرفعون راية المملكة العربية السعودية خفاقة ويحصدون المراكز المتقدمة في تلك الدول .

نعود مرة أخرى لصلب موضوعنا الذي نتحدث فيه عن نهضة منطقة عسير على مدار عقود ونختصرها هنا بما وصلت إليه في هذا العصر الذهبي وخاصة بعدما حصلت على التميز من خلال انطلاق استراتيجية تطوير عسير التي اعلنها واختار لها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عنوانا يجمع بين الإنسان والهدف فأطلق عليها شعار ” قمم وشيم ” الذي علق عليه الأمير تركي في أول لقاءاته بالاعلاميين بعد إعلان الاستراتيجية بقوله: أن القيادة لا ترغب لشعبها إلا بالقمم لما فيهم من الشيم ومن خلال تتبعنا لهذه الاستراتيجية وما صرح به سموه حيث قال بعد ثنائه على القيادة ودعمها: جاءت هذه الاستراتيجية بعد عامين من الدراسات وربطها برؤية المملكة التي ضمت هذه الاستراتيجية أكثر من ( 1000) برنامجا من الرؤية وأنه قام بإجراء تسعين لقاء مع الوزراء في قطاعات الدولة ورؤساء الهيئات خلال دراسة الاستراتيجية كمدخلات لتحقيقها إلى جانب إقامة مئات ورش العمل لتطبيقها وما استعرضه أمام الإعلام أنه في مجال القطاع الفندقي وقطاع الإيواء بقوله يتوفر في عسير ( 14000) سترتفع مستقبلا إلى زيادة أكثر من ( 23000) غرفة منها حاليا توفر(2000) غرفة في الفنادق والبقية موزعة على الشقق الفندقية التي بعضها بالتأكيد مصمم لهذا الغرض لتفي وحاجة السياح الذين يصلون إليها من داخل المملكة ودول الخليج الشقيقة ليس في الصيف فحسب بل حتى في الشتاء وهذا ما تأكد أمامنا في رحلتنا وجولتنا إذ تكتظ الخميس وأبها بالسياح والمتسوقين في المولات حتى ما بعد منتصف الليل مما يضاعف المهمة أمام الجهات الخدمية لتلبية حاجة هؤلاء الزائرين والمقيمين الذين يساهمون بتنمية التجارة وصولا للصدارة .

الأمير تركي بن طلال ينظر لهذه الاستراتيجية نظرة بعيدة المدى إذ يرى أنه لابد من خلالها ومن خلال مشروعاتها الرئيسة واللوجستية تحقق المنافسة ليس على المستوى المحلي بل على مستوى الوجهات السياحية العالمية خاصة وأنه يتم استكمال عدد من المشروعات التي ستسهم في تحقيق هذا الهدف ومن أهمها إنشاء المطار الجديد الذي يستهدف بعد اكتماله جذب عشرة ملايين زائر بحلول عام 2030م حسب إعلان سمو ولي العهد لاستراتيجية منطقة عسير التي قدر لها خمسين مليار ريال عبر استثمارات متنوعة بتمويل مشروعات وتطوير مناطق ذات علاقة بالجذب السياحي لتكون وجهة سياحية عالمية طوال العام فضلا عن أن هذه الاستراتيجية لن تقف معطياتها عند السياحة فحسب بل لتحقق أعلى معدلات تحسين ظروف الخدمات الصحية وتطوير البنية التحتية وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين والمواطنات وهناك طريق دائري جديد ومشروعات كثيرة في أكثر من مكان ومجال ، من هنا نرفع لسموه أسمى آيات التبريك بما يتحقق من منجزات فعلا على صعيد الواقع المشاهد الذي سيسهم في زيادة ربط عسير بالعالم داخل المملكة وخارجها .

انعطاف قلم :

تابعت كغيري زيارة سمو الأمير تركي بن طلال المفاجئة لمستشفى تنومة ولاحظنا ردة فعله عندما سأل عن عدم توفر دواء للقلب في صندوق الأدوية على الرف عندما أكد المدير الطبي عدم وجوده في المستودع ثم ناقضه الآخر بأنه قد يكون موجوداً في المستودع يصرف وقت عمل العيادات فقال الأمير : نحن اليوم خميس وجمعة !! ما مصير المرضى المحتاجين له في هذا الوقت !؟
فبهت الذي لم يتوقع زيارة سموه في يوم الجمعة لهذا المرفق الهام وباعتبار هذا اليوم يوم عطلة أسبوعية للموظفين ولكن !!!!!!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يشرح الواقع الذي تعيشه منطقة عسير وما تنتظر بعد الاستراتيجية التي ستنقلها ومحافظاتها إلى المنافسة الخارجية
    لتكون مهوى أفئدة السياح من الخارج بعدما حققت منجزاً لا يمكن مجاراتها في الاستقطاب السياحي من الداخل وبعد أن أصبحت مثيلاتها مجرد نقاط عبور وهي المستقر لتوفر الخدمات بها .
    والارقام التي حملها المقال خير دليل فالمنافسة صعبة قوية فعلاً .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com