المقالات

التمريض ورمضان

جامعة الملك عبدالعزيز

كوادر التمريض أكثر كوادر ستهز رأسها بإلإيجاب حين قراءة مقالتي هذه، حيث إنهم سيدركون من خلال ممارستهم لمهنة التمريض التقارب بين المهنة وشهر رمضان المبارك. قد يعتقد القارئ أنني أبالغ في المقارنة ولكن أظن أن هناك تشابهًا إلى حد ما، وقد ينطبق على مهن أخرى يتحلى كوادرها بالصفات والتي سنعرج عليها هنا.

إن التمريض مهنة إنسانية روحانية تعتمد بشكل كبير على حب البذل والعطاء لذلك سمي كوادر التمريض بملائكة الرحمة، وليكون الممرض مميزًا في تقديم الرعاية الصحية في المنظومات الصحية فلابد عليه أن يتحلى بالصفات التالية؛ الحب، البذل، الصبر والاجتهاد، وهذه الصفات تنطبق على المسلمين الواعين لفضيلة وأهمية شهر رمضان المبارك.

ها نحن ذا في شهر رمضان الكريم نستقبل الشهر بحب ويبذل المسلمون البذل والعطاء، ويتحلون كذلك بالصبر والاجتهاد وبوضوح مقارنة بالشهور الأخرى في السنة متمثل ذلك في الصيام والصدقات وقيام الليل والتهجد وقراءة القرآن والصدقة وغيرها. يتميز أيضًا شهر رمضان بتصفيد الشياطين وكثرة نزول الملائكة على كوكب الأرض لكثرة حلقات الذكر التي لا تنقطع في المساجد والمنازل وحتى الاستراحات والتي تجمع العوائل، ونتذكر هنا حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ماتقدم من ذنبه”. (رواه البخاري ومسلم).

التمريض من المهن الشاقة في الممارسة، ولكنها تكون سهلة بالرضى والحب والصبر وذلك يتحقق ويتجلى في حال المحبة والإقتناع بالمهنة. وكذلك صيام رمضان حيث يتوجب أن يمتنع الإنسان مدة ١٢ إلى ١٦ ساعة عن الأكل ولغو الفعل والقول باقتناع ورضى ومرضاة لله؛ وذلك حقيقة ليس بسهل، ولكن بالرغبة وحب الانكسار إلى الله وتطلعًا للأجر من الله تهون فيه تحديات الصيام.
الكوادر المميزون كذلك نراهم لا ينتظرون الشكر من القيادات أو المرضى وإنما من خالقهم سبحانه وتعالى، وتجدهم على يقين أن تعويضهم للبذل والعطاء في رعاية المرضى من الله سبحان وتعالى بلا حدود، وهنا تشابه آخر مع الشهر الكريم وكأنهم يتأملون بذلك الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به).
فكم التقينا بممرضين وممرضات مقتنعون أن التعويض المالي في سلم الرواتب والبدلات ليس بالشكل الذي يطمحون له حاليًا، وفي نفس الوقت تجدهم سعداء بممارسة المهنة نفسها؛ وذلك مرضاة لله تعالى والتي تجلب لهم الرضى الوظيفي.

من الملاحظ أيضًا أن كوادر التمريض في سباق مع الوقت لتقديم الرعاية بداية من استلام المرضى إلى تقديم الرعاية وصولًا إلى تسليم المرضى لزميل آخر يتأمل أن يكمل ما عمله بنفس الجودة والإتقان.
وبنفس التسلسل لشهر رمضان تجد بعضنا يتسابق مع الوقت بداية مع أذان الفجر للإمساك إلى العمل خلال اليوم مع مشقة الصيام إلى الإفطار، وإلى صلاة التراويح والقيام والذكر ومن ثم السحور، وهكذا تواليًا كل يوم لنهاية الشهر؛ فهنيئًا في استغلال الوقت بما يحقق الهدف.
كذلك نلاحظ أن شهر رمضان يتغير فيه التوقيت البيولوجي لدى الكثيرين، فمثلًا نرى البعض يعدل من توقيت النوم في شهر رمضان ليتواكب مع المهام والتطلعات وخصائص هذا الشهر الكريم، وكذلك نجد الممرضين بين تقلبات الشفتات (ليلًا ونهارًا) لتغطية الاحتياج الوظيفي خاصة مع قلة أعداد التمريض مما يستدعي تطبيق ١٢ ساعة شفت، ولذلك ليس بغريب أن يتم اختيار مهنة التمريض كأكثر المهن تقديرًا بالعالم.

نستطيع أن نستخلص أن في حال تطبيق كوادر التمريض للروحانيات والصفات التي سردت أعلاه سنجد بعون الله تمريضًا مميزًا كتميز شهر رمضان المبارك من بين كل الشهور.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى