المقالات

“الزهراني” بين التعدد والجوهرة

استفز فضولي الأستاذ عبدالله الزهراني بمقالته بعنوان: “التعدد.. والتحديث الأخير”. وما إن ابتدأتُ القراءة واتضح لي فحواها، حتى وجدتُ نفسي أقول: “واه يا ولد الديرة! ما هقيتها منك هالجرأة في الطرح!”.

وحيث إن أسلوبه الشيق في الكتابة، ومهارته في سحب القارئ إلى دهاليز الموضوعات الشائكة أمرٌ لا يُنكر، فلم أجد نفسي إلا وقد تركت تعليقًا تلو الآخر على المقالة، ليبادر هو كذلك بإطلاعي على بعض الردود من هنا وهناك. وعلى الرغم من تجنّبي التفاعل مع المقالات بالرد أو التعليق، إلا أنني وجدت قلمي يُشارك في هذا الاشتباك، الذي أُنأى بنفسي عنه دومًا، خصوصًا في مثل هذه الموضوعات التي نعلم أن لها قطبين: بين مؤيد ومتحفظ ومعترض. حاولت مرارًا تجاهله… ولكن يبدو: هيهات.

فالمقصد من “التعدد” أن يتزوج الرجل بأكثر من امرأة — قد تصل إلى أربع — سواء بالجمع بينهن في مسكن واحد أو متفرق، على أن يقوم بكامل واجباته تجاههن: ماليًا، وعاطفيًا، وجسديًا.

والسؤال هنا:
ما أصل التعدد في الإسلام؟
هل هو القاعدة؟
أم أن الأصل أن يتزوج الرجل زوجة واحدة فقط؟

وبدايةً، قبل أن يهجم عليّ أحد — رجلًا كان أو امرأة — بقوله: “لا تُفتي!” أو: “أكيد لأنك امرأة، فترفضين وتعترضين!” أو يظن أنني أتطاول على أمر الله — وحاشاي الله في ذلك — فإني سأحاول أن أستنبط رأيي من القرآن الكريم، وأبني عليه في حدود مفهومي القاصر، مهما تعلمنا.

وحسب فهمي، فإن الإسلام لم يُحبّذ التعدد أو يشجّع عليه بالمطلق وبدون أسباب، ولم يُقرّه لمجرد إطلاق الرغبة أو الغاية. بل إن التعدد شرع لأسباب مبرّرة، بل وقاهرة، وجلّها في نهاية المطاف لحفظ كرامة المرأة.

قال تعالى في سورة النساء:
“فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة…”
وقد كان الرجال في الجاهلية يتزوجون بلا عدد محدد، زوجات وجواري، فجاء الإسلام — كعادته في تهذيب النفوس — ليضع حدًّا لهذا الزواج اللامحدود، بأقصى عدد: أربعة. بل إن الأصل في الزواج هو الزوجة الواحدة، والتعدد جاء استثناءً مشروطًا.

ثم يؤكّد القرآن في موضعين من سورة النساء، بأن العدل بين النساء مستحيل، حتى مع الحرص:
“ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم” (النساء: 129).

لهذا، نصيحتي للأستاذ عبدالله:
نمْ واشبع نومًا، وتجاهل كل من يشجّعك على الزواج سرًّا أو جهرًا!
فلا أحد سيقع في شرك التعدد سواك. بعض المعدّدين يطلقون العنان لأنفسهم في تخريب البيوت، يتباهون لا ينصحون، وقد لا يكون فيهم من الصدق شيء… فاحذر.

ثم… لمجرد أن فلانًا تزوج وعدّد، لا يعني ذلك أن تُقلّده!
فربما هو لم يكن لديه “الجوهرة” التي لديك!

نصيحتي: نمْ، واشبع نومًا، واحمد الله أن المقال جاء بعنوان “التحديث الأخير”!
ونسأل الله ألّا يتصدر أحد الزملاء “المخبّبين” ليزوّجك، ويتكفل بزواجك، ويُعيد “التحديث” و”الفرمتة”!.

• جامعة الملك عبدالعزيز

د. أحلام عيضة الزهراني

جامعة الملك عبدالعزيز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بعيدا عن حساسية النساء وجشع الرجال لو نظرنا للتعدد من منظور اخر ولنقل سين من الناس تزوج وأنجب ومضطلع بمسؤلياته اليس من الجيد ان نكرر تجربته الناجحة مع امرأة اخرى وثالثة ورابعة ويستفيد من هذا المجتمع ويزيد ذخيرة الوطن من براعم الغد وشباب المستقبل فالإنسان ركيزة بناء الاوطان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى