يعد الإحتراق الوظيفي احد مسببات ضغوط العمل والتي تواجه أي موظف في بيئة العمل والحياة. وهو عبارة عن شعور بالإرهاق الجسدي والعقلي والنفسي نتيجة الضغوط المستمرة في أعباء ومهام العمل الوظيفية والحياتية المطلوب تأديتها في وقت وزمان محدد. ويسمى أيضا بالإنهاك أو الإجهاد الوظيفي. يؤثر الإحتراق الوظيفي على الإنتاجية الإيجابية للموظف وقد تصل إلى الإستقالة. اثبتت الأبحاث أن القطاع الصحي يعاني من الإحتراق الوظيفي بشكل كبير مقارنة بالتخصصات الأخرى نظرا للمهام المتعددة والمسؤوليات على الممارس الصحي. تشير دراسات في عام (2023) أن 20-40% من العاملين في التمريض أبلغو عن التعرض للإرهاق. وذلك نتيجة أن وظيفة التمريض تتطلب قضاء ساعات عمل طويلة وتتطلب العديد من المهارات في رعاية المرضى والمراجعين والعمل مع الفريق الطبي والتي ترتبط بقلة الحوافز مما يزيد من واقع إمكانية تعرضهم للإحتراق الوظيفي.
الكادر التمريضي يشكل ركيزة هامة للرعاية الطبية لذلك من المهم الإعتناء بالصحة الجسدية والنفسية للكادر التمريضي. ومن المهم التعرف والإلمام بالأعراض التي قد تظهر نتيجة الإنهاك الوظيفي مثل قلة الإنتاجية, الغياب المتكرر, الحزن, العصبية, الشكوى الدائمة بعدم الرضى, التعب وقلة التركيز. وبطبيعة المهن الصحية وماتستدعيه مهام عملهم في الرعاية بالمرضى يكون من الخطير أن يتعرض الممارس الصحي لأعراض الإرهاق الوظيفي لأنه سيؤثر على سلامة المرضى والرعاية المقدمة بشكل كبير. وحيث أن التمريض يعاني من قلة الأعداد فيعتبر الإحتراق الوظيفي عدو لابد من محاربته. ويتوجب وضع مستهدف ومبادرات للحفاظ على كل ممرض وممرضة في الميدان.
تهتم الجمعية العلمية السعودية للتمريض (SNS)برفع الوعي بالإحتراق الوظيفي ومدى خطورته على كوادر التمريض والرعاية الصحية. وتم تقديم محاضرة عن كيفية تجاوز الإحتراق الوظيفي في مستشفيات بجدة لعدد من الممرضين والممرضات. وكان بداية إفتتاح احد المحاضرات والتي عقدت يوم الخميس 23 يناير 2025 بمقولة ومطلب بعنوان (كوادر التمريض لاتحترقوا) وذلك لأنهم مهمين للرعاية الصحية. وقد تلقيت رد من أحد المتواجدين أنهم (محترقين وأصبحو رماد) وبضحكة جميلة من محياهم على رغم قساوة المقولة. وتم استنباط عدد من الحلول لمعالجة أو منع الإرهاق ومن أهمها تنظيم الوقت, النوم الكافي, طلب العون والدعم من العائلة وفريق العمل, التوازن في العمل والحياة, البعد عن الخلافات مع الأخرين, تعلم مهارة الذكاء العاطفي والتمكين والتفويض, تعزيز المسؤولية الوطنية والمهنية, الرياضة او هواية, تحديد الأولويات, التغافل, البعد عن المشتتات مثل الجوال وشبكات التواصل الاجتماعي, الإجازات للراحة.
قد نجد أن البعض يكون أكثر عرضة للإحتراق الوظيفي من غيره على رغم أنهم في نفس محيط ومسؤوليات العمل وذلك يعود لعدة عوامل منها سمات الشخصية بالإضافة الى الوعي بالذات والمهارات والتجارب المكتسبة والمطبقة والقدرة على اتخاذ خطوات جادة ومناسبة لتجنب أو على اقل تقدير تخفيف التعرض للإنهاك الوظيفي. نعم وبكل تأكيد أن المسؤولية الأكبر تقع على الموظف الممارس الصحي في معالجة الإنهاك الوظيفي. ولكن من الضروري على مؤسسات العمل الصحية التعامل مع مخاطر الإحتراق الوظيفي للموظفين على انه مهدد ومن المخاطر الواجب تجنبها حيث أن الأثر جسيم على مؤشرات الأداء والإنتاجية للمؤسسة ورعاية المرضى. خلق بيئة عمل منفتحة وتكاملية قائمة على المشورة في اتخاذ القرار ووضع حلول مناسبة للموظفين والإهتمام بالدعم النفسي والوظيفي وتوفير الحوافز المناسبة تساهم بشكل كبير لخفض التعرض للإحتراق الوظيفي. من المهم أيضا على الجامعات وكليات التمريض تأهيل وتهيئة الطلبة الدارسين في برامج التمريض لواقع الوظيفة والضروف التي يمكن أن يتعرضو لها في سوق العمل وإكتساب مهارات تطبيقية لكيفية تجاوزها وذلك كفيل لتميزهم في كيفية إدارة الضغوط العملية والحياتية فلايحترقوا بإذن الله.
• جامعة الملك عبزالعزيز
————
مراجع:
Hussien RM, Alharbi TAF, Alasqah I, Alqarawi N, Ngo AD, Arafat AEAE, Alsohibani MA, Zoromba MA. Burnout Among Primary Healthcare Nurses: A Study of Association With Depression, Anxiety and Self-Efficacy. Int J Ment Health Nurs. 2024 Dec;34(1):e13496. doi: 10.1111/inm.13496. PMID: 39710810.
Jin, T., Zhou, Y. & Zhang, L. Job stressors and burnout among clinical nurses: a moderated mediation model of need for recovery and career calling. BMC Nurs 22, 388 (2023). https://doi.org/10.1186/s12912-023-01524-1